عروبة الإخباري – الإعلامية جيسي مراد –
في زمن تزدحم فيه الأصوات وتتشابه الملامح، يخرج صوتٌ المرنمة كريستيان نجّار المختلف، وصوت لا يطرق الأذن فحسب، بل يعبرها ليصل إلى القلب مباشرة. هو ليس مجرد لحن يُرتّل، بل صلاة تُهمَس، ودمعة تُرتّب على شكل نغمة.
هي تلك التي لا تغنّي لتُطرب، بل تُرنّم لتُضيء، تؤمن أن الكلمة حين تُغنّى بإحساس صادق، تصبح قادرة على شفاء الأرواح المتعبة. ليست فنانة تقف على المسرح لتنتظر التصفيق، بل روح تصعد من بين النغمات لتهمس للحياة: “ما زال في هذا العالم نور.”
البداية: حيث التراتيل تهمس في الوجدان
ولدت كريستيان في بيئةٍ حملت في تفاصيلها بذور الفن والإيمان. منذ طفولتها، كانت تهوى الغناء في الكنيسة، لكنّها لم تكن تعرف أنّ هذا الصوت سيكبر ليصبح وسيلة تعبير روحي، وأداة تواصل مع قلوب آلاف المؤمنين. دراستها الأكاديمية في مجال الموسيقى وفنون الأداء ساعدتها على صقل موهبتها، لكنها لم تفرّط أبدًا بالجانب الروحي الذي يشكّل جوهر مشروعها الفني.
بين الكلمة واللحن: تراتيل تروي حكايات القلب
ما يميّز كريستيان نجّار ليس فقط عذوبة صوتها، بل قدرتها على اختيار كلمات ترتيلها بعناية فائقة، وتحويلها إلى تجربة سمعية–روحية. تتعاون مع نخبة من الشعراء والملحنين الذين يشاركونها الرؤية، لتقديم أعمال تُلامس الأعماق، وتحمل بُعدًا وجدانيًا وإنسانيًا.
في كل عمل تقدّمه، تحرص كريستيان على الحفاظ على التوازن بين الجمال الفني والرسالة الإيمانية، مؤمنة بأن الموسيقى الروحية لا يجب أن تكون بعيدة عن الإتقان والاحتراف، بل العكس تمامًا.
جمهورها: بين الكنيسة والمسارح والمنصات
لم تعد أعمال كريستيان نجّار حكرًا على الكنائس والمناسبات الدينية، بل تجاوزتها لتصل إلى المسارح، والحفلات العامة، وحتى المنصات الرقمية، حيث تحقّق انتشارًا واسعًا بين جمهورٍ يتوق إلى ما هو أعمق من الترفيه. جمهورها ليس بالضرورة كله من خلفية دينية، بل من محبّي الموسيقى الهادفة والنبيلة.
رسالتها: الإيمان بلغة الفن
في مقابلاتها، تشدّد كريستيان على أنّها ليست مجرّد فنانة، بل صاحبة رسالة. تراتيلها ليست مجرد أغانٍ، بل صلوات مغنّاة، تهدف إلى بثّ الرجاء، والسلام، والضوء في عالم يفتقد ذلك.
هي لا تسعى إلى الشهرة بمعناها التقليدي، بل إلى الوصول، إلى التأثير، إلى أن تترك في كل مستمع أثرًا طيبًا، كما تقول دائمًا: *”إذا ترنيمتي جعلت شخصًا واحدًا يشعر بأن الله قريب، فأنا أنجح.”*
كريستيان نجّار هي حالة فنية روحية متكاملة. استطاعت أن تدمج ما بين الفن والإيمان، بين الحرفية والروح، لتكون من أبرز الوجوه في عالم الترنيم الحديث في لبنان والعالم العربي.
في زمنٍ يتعطّش فيه الإنسان لمعاني الطمأنينة، يأتي صوت كريستيان ليهمس: ما زال هناك جمال، ما زال هناك رجاء.