عروبة الإخباري – طلال السكر –
في سماء الفكر والإعلام، تتلألأ نجوم تضيء الدروب وتلهم العقول، ولكن هناك نجوماً لا تكتفي بالتوهّج، بل تسطع بإشراقٍ استثنائي، تلامس الأرواح وتنير الأذهان. من بين هذه النجوم، تتجلّى الدكتورة العلامة، فلك مصطفى الرافعي، ابنة القاضي العلامة مصطفى الرافعي، التي ورثت عنه العزم والإرادة، ووهبت نفسها للفكر المستنير، فجعلت من الكلمة سلاحاً للنور في وجه الظلام، ومن القلم أداة لإحياء القيم في زمن تعصف به التحديات.
هي نفسها التي لها كل النصيب من معنى اسمها، بعض الصفات، “صاحبة شخصية قوية، تتمتع بالذكاء غير العادي، وهي محبة للقراءة”.
لقد كان لشهر رمضان الكريم هذا العام نكهة خاصة، تجلّت في إبداعاتها الفكرية التي حملت في طياتها جرأة الطرح، عمق الفكرة، وسلاسة التعبير، حتى أصابتنا بالدهشة حد الإبهار. لم يكن ما كتبته مجرد مقالات عابرة، بل كانت لوحات فكرية رسمتها بمداد الحكمة، تناولت فيها قضايا دينية، اجتماعية، وسياسية، بأسلوب يجمع بين الرصانة والوضوح، وبين النقد البناء والدعوة إلى الإصلاح. لم تكتفِ بالحديث عن الظواهر السلبية التي باتت تطغى على بعض التصرفات في لبنان، بل تجاوزت ذلك لتسلط الضوء على قضايا عامة تمسّ المجتمع العربي ككل، فكان قلمها مرآةً تعكس الواقع بجرأة وشجاعة.
أمام هذا الزخم الفكري، لا يسعني إلا أن أعترف أنني حاولت جاهداً مجاراتها في التعقيب والتعليق على الكثير مما كتبت، لكني وجدت نفسي في أحيان كثيرة عاجزاً عن بلوغ ذات المستوى من العمق والإبداع. فرؤيتها الثاقبة وتحليلها الدقيق جعلا من كل حرف تنسجه قيمة معرفية وإضافة نوعية للمحتوى الفكري العربي.
إنّ الدكتورة الرافعي، ليست كاتبة عابرة في بحر الصحافة، بل هي مدرسة قائمة بذاتها، تشكّل نموذجاً يُحتذى به في الإخلاص للرسالة الإعلامية والفكرية، وانها صوتٌ نقيّ وسط الضجيج، شعلةُ وعيٍ تضيء الدرب لمن يبحث عن الحقيقة.
كل الشكر والتقدير للدكتورة العلامة فلك مصطفى الرافعي، التي أهدتنا فكراً ثاقباً، وقلمًا نابضًا بالحياة، وأملاً متجدداً بأنّ للكلمة الصادقة دوراً في إحياء القيم، وإصلاح المجتمع، ورسم مستقبل أكثر إشراقًا.