عروبة الإخباري –
في عالمٍ يضج بالأصوات المتداخلة والقصص المتناثرة، هناك من لا يكتفي بنقل الأحداث، بل يغوص في عمقها، يبحث عن الحقيقة بين السطور، ويعيد تشكيلها برؤية دقيقة وحسٍ إنساني مرهف.
تظهر الإعلامية البارزة ريتا بولس شهوان، التي تثبت إن الكتابة ليست مجرد كلمات تُكتب، بل رحلة من البحث والاستقصاء، حيث تُنصف الحقائق وتُضاء زوايا منسية من التاريخ والمجتمع. بين الحرف والموقف، وبين الوثيقة والتحليل، ينبض قلمٌ لا يسعى وراء الإثارة السريعة، بل وراء المعرفة التي تبقى، والتأثير الذي يدوم.
وريتا بولس شهوان كواحدة من الأسماء المرموقة في عالم الصحافة، حيث الدقة والمصداقية التي أثرت المشهد الإعلامي اللبناني والعربي بتحقيقاتها العميقة وأبحاثها الدقيقة. بأسلوبها الاستقصائي الذي يجمع بين الحرفية الأكاديمية والسرد الصحفي المشوق، استطاعت شهوان أن تحفر لنفسها مكانة مرموقة بين الصحفيين الباحثين عن الحقيقة.
فمن خلال مسيرتها الإعلامية المتنوعة، قدمت شهوان تحقيقات صحفية كشفت قضايا اجتماعية وسياسية معقدة، معتمدة على التحليل الدقيق والوثائق الموثوقة. ولعل أحد أبرز إنجازاتها يتمثل في كتابيها الكويت وإرادة الاستقلال في الوثائق العثمانية ومدحت باشا: ماذا فعل الخليج بنا؟، حيث أبحرت في أرشيف التاريخ لتقديم صورة دقيقة ومتكاملة عن التحولات السياسية والاجتماعية في المنطقة.
ولم يقتصر تأثيرها على الكتابة البحثية فقط، بل امتد إلى الصحافة اليومية، حيث نشرت مقالات وتحقيقات لامست قضايا حساسة مثل الإسكان في لبنان، الحفاظ على التراث، والمشاركة السياسية للمرأة، لتسلط الضوء على قضايا غالبًا ما تُهمل في الإعلام التقليدي، ومقالاتها المنشورة في “الجزيرة نت”، و”نداء الوطن”، و”الملف الاستراتيجي” تجسد التزامها بالصحافة الهادفة، تلك التي لا تبحث عن الإثارة العابرة، بل عن الحقيقة المتجذرة في العمق.
ريتا بولس شهوان، هي نموذج للباحث الإعلامي القادر على المزج بين الحياد الصحفي والدقة الأكاديمية، وبين الحرفية الإعلامية والتاريخ العميق. هي مثال يُحتذى به لكل من يسعى إلى أن يكون الصحفي شاهدًا على الأحداث، لا مجرد ناقل لها.