عروبة الإخباري – الدكتورة العلامة فلك مصطفى الرافعي –
من اروع ما قرأت في بلاغة الإمام علي كرّم الله وجهه ” لو كان الفقر رجلا لقتلته ” ….و يعجب صاحب النهج البليغ كيف لا يثور الفقير و كيف لا ينتفض الجائع الذي حينما جاع فَمِن تُخمة و من شَبعْ حتى الدخول في غيبوبة الشراهة …
و قد أثمرت دعوة السماء لجهة مساكنة القناعة عند الفقراء ، و نظّمت سُبل قيام مجتمع متعدد الأوضاع بين ثري و معدم و مستور يعيش ككفتىّ ميزان ، إن هبّت نسمة أردته إنعدام الوزن بين المدخول و المصروف …
و رغم كل هدأة التيسير للقبول بما قسم الله سبحانه وتعالى نجد التفرقة العنصرية بين ممن آلت إليهم ثروات مستولدة من كفاح او مواريث او صفقات مشبوهة و تلاعب بحياة الناس ، بغية دخول عالم الاثرياء و بين من ورثوا ايضا رزقهم كفاف يومهم ، و في حالات هي قمة التسليم عندما يقنع المرء أن لا يطلب رزق الغد ، طالما أن الله سبحانه وتعالى لم يأمره بعبادة الغد قبل أن يُصيبه ، فرُبّ قدر لا يوافق العمل المؤكد بل إحالة إلى تقاعد القبور لنرى عبر نوافذ مشرّعة إستفزازات مرهقة بين كبريات عروض الأزياء لكل الأجناس و الاسعار المذهلة و الإقبال اللافت للتباهي بإسم المصنع و المُصنّع ،و بين السوق القديم المتعارف عليه بسوق البالة ، حتى نرى في أحيان كثيرة عزوفا عنها كي لا تصيبه عين في مكان رخيص ، فيميل ساعتها للابتعاد صونا لكرامة و ماء وجه يجاهد في المحافظة عليه …
و الأدهى أنني اطّلعت مؤخرا على قائمة من اثمان أطعمة ادهشتني ، و اعتقدت جازمة أنها تؤسس لقيام ثورة جياع .. فعلى موقع روسي أحصى عددا من اغلى الأطعمة في العالم ، مما يُذهل الغني قبل الفقير ، لنرى مثلا أن معظم المواد الغذائية لها تسميات بديلة و نادرة .. فهناك مثلا الشمام الملكي و ثمن القطعة الواحدة أكثر من عشرة آلاف دولار ، و هو نوع ينمو في اليابان ، حيث يُعدُ من اندر الفواكة قيمة ، و يُزرع تحديدا في جزيرة هوكايدو ، و يحظى بتقدير اليابانيين لما يتمتع به من نكهة نادرة و فريدة ، و يمتاز بوفرة الطاقة و له شكل مستدير خلاف الشمام البلدي المعروف ، علما أن المبلغ المذكور يشتري في بلادنا اسطولا من ناقلات الشمام المتواضع .، كما يتفنن الموقع و لمن يريد الإستزادة فاسمع ( moya planeta) الذي يصنّف البطيخ الاسود و ثمن الواحدة أكثر من خمسة آلاف دولار ، و هناك العنب الياقوتي ووزن الحبة الواحدة منه أكثر من ٢٠غرام و يُباع العنقود بأسعار خيالية ، لتأتي خاتمة القائمة بتسميات مستفزّة ،،، فبمجرد ذكر صنف الكافيار ، يذهب الفكر إلى مائدة أسطورية ،و هناك ما يُسمى بالكافيار الماسي التي تنتجه سمكة ال ( بيلوغا) و اخجل من ذكر ثمنه ، إلى إسم لحم البقر الرخامي ، لنصل إلى تسميات مرهقة في ترتيبها، و في معظم أوقات بلادنا نصطف امام محلات الفوّال و بائع الفلافل …. و لقد وضعت السماء حقا وليس منّة او هبة في مال الغني الذي للفقير حق معلوم للسائل و المحروم و لسريان نظام التكافل الاجتماعي ،غير أن العنجهية و التمادي بالغيّ و الزيف و المغالاة ستعمل على إجبار الفقير أن يُشهر سيفه” ….
و من اروع ما قرأت من تعنيف ” ليس الخوف أن يحرمك الله و انت تُطيعه،و إنما الخوف أن يعطيك الله و انت تعصيه ” .
… المطلوب ثورة أخلاقية !!