عروبة الإخباري – طلال السكر –
رحلت الإعلامية الراقية، هدى شديد، وبقيت روحها الطيبة تحلِّق في قلوب من عرفوها وأحبوها.
فهدى شديد لم تكن إعلامية ناجحة وانسانة، بل كانت إنسانة تحمل في صوتها نبرة أمل وتفاؤل، رغم الألم الذي أنهك جسدها. قاومت المرض الخبيث بشجاعة نادرة، محاطة بإيمانها العميق، وشكرها الدائم لله في أصعب لحظات الوجع.
لم يمضِ على معرفتي بها وقت طويل، لكنها تركت أثراً عميقاً في نفسي. ففي ظهيرة العاشر من أغسطس الماضي، تلقيت أول رسالة منها، مليئة بالدفء والإعجاب بمقالي عنها. رددت عليها بكلمات بسيطة: “ربي يسعد قلبك وعمرك”، لكنها استقبلتها باللهجة اللبنانية المحببة، وكأنها تسمعها للمرة الأولى. جاء ردها بتسجيل صوتي يحمل لهجتها العذبة: “شو هيدي هاي الكلمة؟ بونجور، يعطيكِ ألف عافية”، كان صوتها يفيض بالحياة، بالحب، وبالصدق الذي ميّز شخصيتها.
كم كنت أتمنى أن أعرفها قبل ذلك، أن أقترب أكثر من روحها الجميلة التي تفيض رقياً ووداعة. فقد كانت تثني على ما أكتب عنها، الذي كنت اقتبس افكاره مما تكتب تخطّه يداها على مواقع التواصل، وكأنها كانت تضيء لي الطريق بنورها حتى في كلماتها.
لم أنسَ كلماتها ما حييت، حين واسَتني في وفاة والدتي، فقد كانت تملك قلباً يُدرك معنى المواساة بصدقٍ لا يُزيفه شيء.
في يوم 10 نوفمبر، اخبرتني انها في عمان، حيث كانت ضيفة على سمو الأميرة غيداء طلال رئيسة مجلس أمناء مركز الحسين للسرطان، للمشاركة في حفل جائزة الملك الحسين التي ينظمها المركز بشكل سنوي، وبعفويتها، قالت لي، إذا قريب من الأوتيل وبتلحق تمرق قبل الساعة 2 مناخذ قهوة سوا…. اعتذرت منها لاني كنت بعيد كثير عن العاصمة، ولم أتمكن من تلبية دعوتها، ولم أكن أعلم أنها ستكون الأخيرة.
يوم 10 مارس الحالي ارسلت لها مقال للاطلاع عليه، واليوم 24 من الشهر ذاته وانا انتظر راي هدى بالمقال مثل ما تعودت، لكنه القدر الذي لا اعتراض عليه، سيبقى المقال دون ان تقرأه هدى.
ففي صباح الثاني والعشرين من مارس، صحوتُ على الخبر الذي هزّني بعمق، خبر رحيلها الذي ترك فجوة في القلب ودموعاً لم أتمكن من حبسها.
غادرت هدى شديد، لكن صوتها، كلماتها، ونورها، ستظل خالدة في ذاكرة من عرفوها وأحبوها.
رحلت الجسد، لكن روحها ستظل تُلهمنا جميعًا.
هدى شديد.. صوت الأمل الذي لم ينطفئ
19
المقالة السابقة