نشرت جريدة “الغد”، مؤخرًا، تقريرًا يكشف عن ارتفاع حاد في أسعار القهوة بنسبة 38.8 % خلال العام الماضي، مما أثار مخاوف عالمية، خاصة مع ازدياد الاعتماد على القهوة كمشروب أساسي في العديد من الدول.
إذا كنت من عشاق القهوة، فربما حان الوقت لتبدأ في الادخار أو البحث عن بديل يمنحك السعادة الصباحية ذاتها. فقد تحولت القهوة، تلك الحبيبات السوداء ذات الرائحة الأخاذة، من مجرد مشروب يومي إلى رمز للأزمات الاقتصادية والتغير المناخي. ومع ارتفاع أسعارها، يبدو أننا مقبلون على عصر “القهوة الذهبية”، حيث سيصبح تناول فنجان منها ترفًا لا يحظى به الجميع.
وقد يكون من الحكمة عدم شرب القهوة، بل تخزينها وبيعها لاحقًا كأصل استثماري! فمن يدري؟ ربما نشهد قريبًا أسواقًا جديدة لبيع القهوة بالتقسيط، أو حتى مزادات دولية يتنافس فيها المشترون على “أجود أنواع البن المحمص من مزارع نادرة لم تطلها آثار التغير المناخي بعد”. ومع الإبداع اللامحدود، قد تظهر موجة من “القهوة الاصطناعية” المصنوعة من مواد عضوية، مثل أوراق الشجر المعالجة أو مستخلصات نباتية أخرى.
لكن خلف هذه الأزمة الاقتصادية، يكمن إنذار أشد خطورة. فالتغيرات المناخية أصبحت واقعًا يؤثر على تفاصيل حياتنا اليومية، حتى أكثر العادات رسوخًا. المزارعون يواجهون موجات جفاف غير مسبوقة، الأمراض النباتية تنتشر، وإنتاج القهوة يتراجع في أكبر الدول المنتجة. وهنا يبرز السؤال المتكرر في كل قمم المناخ: كيف ستنفذ الدول التزاماتها بالحفاظ على درجة حرارة الكوكب؟ وكيف ستضمن تدفق التمويل لمساعدة الدول النامية على التكيف، خاصة مع انسحاب دول كبرى مثل الولايات المتحدة من تمويلات المناخ؟
إن هذه التحذيرات، التي ستطال الجميع من دون استثناء، تدفعنا إلى إعادة التفكير في علاقتنا بالعالم من حولنا. فكما تعمل خلايا الجسد بتناغم رغم اختلاف وظائفها، ينبغي للبشرية أن تتكاتف لمواجهة هذا التحدي. لا يكفي أن يكون هناك مجتمع دولي تحركه المصالح الاقتصادية، بل لا بد من إدراك أن مسؤولية تحسين بيئة الكوكب تقع على عاتق الجميع.
إن العلاقة بين المناخ والعدالة والمسؤولية أصبحت أكثر تعقيدًا وتشابكًا. وبينما قد يتجاهل البعض تحذيرات العلماء بشأن الاحتباس الحراري والتصحر، فهل سيثير فقدان القهوة قلقهم؟ أم أن الإنسان لا يدرك حجم الخطر إلا عندما يصل إلى فنجان قهوته الصباحية؟
في النهاية، القهوة ليست فقط ضحية للأزمة الاقتصادية، بل أصبحت أيضًا سفيرة غير رسمية لحالة الأرض. وربما حان الوقت لنفكر بجدية في تأثير سلوكياتنا على البيئة، لأن القادم قد يكون أكثر سوءًا. وحينها، لن يكون الحديث عن ارتفاع سعر القهوة، بل عن اختفائها تمامًا.
وحتى ذلك الحين، احرص على فنجان قهوتك جيدًا… فقد يصبح أغلى مما تتخيل!