الإنجاز هو المعيار الوحيد الذي يجب أن يُقاس عليه العمل في القطاع العام، فلا يمكن القبول باستمرار ثقافة المجاملة أو منح المكافآت استناداً إلى الواسطة أو المحسوبية، وهذا ما جاءت به القرارات الحكومية الأخيرة بشأن اللجان الحكومية، والتي شددت على انعقاد الاجتماعات خلال ساعات العمل الرسمي وتوقيع محاضرها في الوقت ذاته، وهي خطوة مهمة لضبط الأداء وضمان تحقيق نتائج فعلية.
الاجتماعات التي تُعقد خارج أوقات العمل الرسمي- في بعض الأحيان- تكون وسيلة للالتفاف على المسؤولية وتأجيل العمل الجاد، لهذا جاء القرار صريحاً بوقف تأجيل الاجتماعات إلى ما بعد الدوام الرسمي، مع التأكيد على توقيع المحاضر خلال ساعات العمل، فهذه الخطوة تمنع التساهل وتحد من استنزاف الوقت والموارد في لقاءات شكلية لا تحقق فائدة تُذكر.
الأهم من ذلك أن اختيار أعضاء هذه اللجان يجب أن يتم وفق معايير واضحة تستند إلى الكفاءة، لا إلى العلاقات الشخصية أو المجاملات، فلا يجوز أن تتحول هذه اللجان إلى وسيلة لمنح مكافآت لأشخاص لمجرد إدراج أسمائهم في كشوفات الحضور أو بسبب المحسوبية، فالمنفعة يجب أن تكون للأجدر والأكثر كفاءة، وليس لمن يحظى بدعم أو واسطة. ضبط آلية صرف المكافآت خطوة مهمة لضمان أن يُكافأ من يستحق فقط، وفق عمل ملموس ونتائج واضحة، فالمكافآت لا تُمنح لمجرد حضور الاجتماعات أو تأجيلها لساعات المساء لتحقيق مكاسب إضافية، بل يجب أن تُخصص لمن يقدمون عملاً حقيقياً يسهم في تحسين الأداء الحكومي وتحقيق الأهداف المؤسسية.
النظام الجديد لإدارة الموارد البشرية يرسّخ هذا التوجه من خلال إلغاء مفهوم “الترقية التلقائية” الذي سمح لسنوات طويلة بترقية موظفين دون أن يقدموا قيمة حقيقية، فاليوم، الترقية باتت مرهونة بالأداء والكفاءة فقط، والموظف الذي يثبت قدرته على تحقيق الأهداف المؤسسية وتقديم نتائج ملموسة هو الذي يستحق التقدير والترقية، أما الموظف غير المنتج فلن يكون له مكان في المواقع المتقدمة.
القطاع العام لن يتطور ما لم تُعتمد معايير صارمة وواضحة لقياس الإنجاز، فالالتزام بانعقاد الاجتماعات وتوقيع محاضرها خلال ساعات العمل الرسمي، إلى جانب اختيار أعضاء اللجان وفق الكفاءة لا المحسوبية، هو السبيل لضمان أن تُوجه الجهود نحو العمل الفعلي، لا نحو إضاعة الوقت وتحقيق مكاسب شخصية.
الإنجاز هو الأساس، ولا بديل عن ربط المكافأة والتقدير بالنتائج الحقيقية وحدها.