عروبة الإخباري – الدكتورة العلامة فلك مصطفى الرافعي –
في مقاربة ثقافية و إنسانية لأمير الصعاليك العربي ” عروة بن الورد ” الذي اقلق معظم القبائل العربية في شبه الجزيرة قبل الاسلام ، إذ كان يُغير على اغنيائهم و يَسبي من الأنعام ما قدر عليه و يذبحها و يوزعها على الفقراء الذين يتوسدون الأرض فراشا و يلتحفون السماء غطاء…
فقراء الجزيرة العربية ، و عطّاش المدى الرحيب من الكثبان الرملية ،و أسرى القيظ اللاهب و الوجوه التي انضجت الشمس لونها حتى صارت كقطع الليل ، كانوا ينتظرون على احرّ من الجمر عودة ” عروة ” ليقسّم بينهم المغانم ليأكلوا ، و كم كان يبيت هو على جوع تصالح معه فصار توأمه ، و قد دانت له بالمعروف كل البطون الخاوية و سوّدوه عليهم دون طلبه ، و أصبح رمزا و استحوذ على لقب ربّما هو الأول من نوعه في العالم فكان ” ابو الفقراء ” .. و اكثر ما كان يُدمي قلب ” امير الصعاليك ” وفود الليل التي لم تحظِ بما يسدّ رمقها فيطلب منهم الانتظار لغزوة في قلب الظلام يعود بعدها بما تيسّر ،و قبل أن ينبلج الصبح يكون الذين تسوّروا خيمته على نصيب من أديم و مطعم و” عروة ” يضمّد جراح طعنة …
في الشرع و القانون ” عروة مذنب ” في الحراك الإنساني و الاجتماعي فهو يأخذ،من الغني البخيل ليقوم بأودْ الفقراء و الضعفاء ،و هنا يسأل سائل ، لو أدرك “عروة ” الاسلام و قام بما قام به فهل يُقام عليه حدّ السرقة ؟؟ اترك هذا الأمر للعلماء و الفقهاء مع التذكير بأن مجاعة ضربت في خلافة أمير المؤمنين الراشد ” عمر بن الخطاب رضي الله عنه ” و لم يُقم حد قطع اليد لسارق فعل ليأكل ، بل وجّه رسالة رائدة لسيد الخادم أنه لو سرق مرة ثانية لقطع ” عمر ” يد السيد لا الخادم لانه لم بكفه مؤونة الحياة ..
عاش ” عروة ” قبيل قرن و نصف من السنين و دُفن دون *” ورقة
نعوة* ” ، و دون أن تُشرّع السرادق لتقبّل العزاء ، و لم تنصفه وسائل الإعلام و الروايات و المسلسلات . و بعد مئات من السنين تواردت اخبار “عروة ” إلى الغرب عبر التجّار و الأسفار ،فإبتدعوا قصة ” روبن هود ” المطابقة بالتمام و الكمال لتاريخ الصعاليك و أميرهم ….
” روبن هود ” يسرق من الأغنياء لمصلحة الفقراء و المعوزين ، غير أن الغرب جعل من فارسهم بطلا و شهما و ربّما إلى حد القداسة ، و أثرت السينما الغربية قصته بعدد وفير من الأفلام .و قد راقت فكرة ” الحرامي الشريف ” للكاتب الفرنسي “موريس لابلان ” فألفّّ و ابتكر شخصية ” أرسين لوبين ” أو اللص الظريف الذي حظى بإحترام و محبة المجتمع الفرنسي ..” عروة بن الورد ” إقتصّ ممن كنزوا الذهب و الفضة فسلبهم بعضها للشعب المسكين الذي كان ” خطاً أحمر ” …
” روبن هود ” تلاعب بالمرابين و اصحاب الأطيان لصالح ” الناس المعتّرين ” الذين هم الخط الأحمر ، و كذلك فعل ” أرسين لوبين ” الذي تلاعب بأعصاب ” أهل السلطة و المال ” لخطه الاحمر من البسطاء ..
كانت أفعال الثلاثة ” غير حميدة “رغم انها تحمل ملامح إنسانية و إجتماعية و لمصلحة الشعب البائس …
…. في مجتمعنا المترامي و في كل أنحاء العالم كم من ( سارقين ) !!!!! و الفرق بينهم و بين ابطالنا الثلاثة أنهم يسرقون لهم و لحيتانهم و ليس للشعب..
فإن كان هذا الزمان يعمل بحدّ السرقة أيّ قطع اليد , يد من تُقطع ؟؟ الذين لا يشبعون و يغتالون أمن و صحة و أعصاب المواطن العادي و البائس و المحروم ، *أم أيادي ” عروة و روبن و أرسين ” ؟؟؟ و كم من القصص الإنسانية التي سرقها الغرب من شهامة العرب ، و ما زالوا يسرقون !!
و لمن تُنصب المشانق و تّسنّ المقاصل ؟