إنه الجيل السادس، فخر سلاح الجو الأمريكي الموصوفة «بدرّة التاج»، الطائرة رقم سبعة وأربعين من سلسلة طائرات «إف» التي كان أحدثها إف خمسة وثلاثين.
خلفه وزير الدفاع بييتْ هِغْزِثْ وإلى يمينه قائد سلاح الجو الأمريكي، أماط الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة اللثام عن مشروع كاد الرئيس السابق أن يلغيه رغم التخطيط والإعداد له لعدة سنوات. فاخر الرئيس والقائد الأعلى للقوات المسلحة الأمريكية دونالد ترمب بأن الطائرة الجديدة الخفية تملك قدرات لا تضاهى ولا تعلم بها حتى أقوى الدول المنافسه مما يعزز السيطرة الأمريكية على الأجواء في العالم كله «حيثما ومتى أرادت». كشف ترمب عن قيام النسخة التجريبية من الطائرة التي تسمت برئاسته حاملة الرقم 47، كشف عن تنفيذها مهام وواجبات سرية على مدى السنوات الخمس الماضية دون أن يكشفها أحد. حتى الصورة التي عرضت إلى يمينه في المكتب البيضاوي الجمعة، لم تكشف الكثير عن هيكلها، بحيث تبقى قدراتها مثيرة للغموض، لكنها بكل الأحوال دشّنت الجيل السادس من القوة والسيطرة الأمريكية على الأجواء، مكتفيا بإشارة أخرى من بعيد إلى قدرات خاصة للإف فورت سفن تتعلق بالدرونات، حيث تكون قادرة على قيادة وتوجيه عدد لا متناه من الطائرات المسيرة ليس كتلك الشائعة بل طائرات مقاتلة مسيرة بكامل ذخيرتها وقدرتها على المناورة بتوظيف قدرات الذكاء الاصطناعي وأخرى خاصة بالتمويه والتخفي والمناورة. أما الكيف والكم فقد أضاف ترمب لرصيده وقدراته الإعلامية-الإعلانية (الترويجية التسويقية)، أضاف الكثير لخيال من يرقب القدرة الأمريكية -خاصة الصين وروسيا- على «إبقاء القرن الواحد والعشرين أمريكيا» بحسب ما وعد سلفه الرئيس جو بايدن في خطاب تنصيبه الأول والأخير!
من الزاوية ذاتها، بدأ ترمب ولايته الثانية وربما لا تكون الأخيرة وإن كان مستبعدا، بدأ بتوظيف مكتبه البيضاوي لغايات توجيه الرسائل، داخليا وخارجيا. في المكان عينه، بدأ سلسلة الإعلانات بخارطة لأمريكا وقد وضع على حدودها الجنوبية اسم «خليج أمريكا»- خليج المكسيك سابقا!
في المكان عينه، أدخل الصحافة إلى المكتب البيضاوي، عوضا عن التركيز على منبر المكتب الصحفي المتعارف عليه منذ عقود. وبالتزامن مع هذا وذاك، حقق ترمب الشهر الماضي وعدا انتخابيا آخر في شطب التغييرات التي أحدثها سلفه، فيما يخص القواعد العسكرية داخل الأراضي الأمريكية، وفي مقدمتها استعادة الاسم التاريخي لقاعدة «فورتْ بْراغ» في ولاية «نورث كارولايْنا» اسم أحد القادة العسكريين التاريخيين الأمريكيين «الجنوبيين» الجنرال بْراكْستُن براغ وهو من أبرز قادة الكونفدراليين الذين خسروا الحرب. كانت القاعدة من ضمن تسع قواعد غيّر بايدن أسماءها لما رآه اليسار في الحزب الديموقراطي مرتبطا بالحرب الأهلية وخاصة ملف امتلاك «العبيد» فسماها «فورت لِبِرْتِ».
خلاصة الأمر، أن الكثير مما يصدر عن الإدارة الأمريكية الراهنة يراه مؤيدو ترمب مسنجما مع استعادة أمريكا الآباء المؤسسين لصوتها وصورتها كما أشرت في مقالة الخميس.
ليس سرا أن توجيه الرسائل علم وفن بحد ذاته، لكن أخطرها ذلك النوع المشفّر الذي لا مكان فيه لا لزلة اللسان ولا للصمت الذي يفتح أحيانا الباب واسعا أمام سوء تقدير الموقف.
«إف فورتِ سفِن» و «فورتْ بْراغ»* بشار جرار
6