عروبة الإخباري – الإعلامية لارا نون –
بعض الوجوه لا تغيب، وبعض الأصوات تبقى صدًى في القلوب، حتى بعد أن يصمت صخب الحياة. هدى شديد لم تكن مجرد إعلامية، بل كانت نبضًا صادقًا في عالم يضج بالضجيج. لم تركض خلف الأضواء، بل صنعت نورها الخاص، ولم تسعَ إلى التصدر، بل تركت بصمة لا تُمحى.
اليوم، ونحن نودّعها، نشعر أن الخسارة ليست فقط غياب شخص، بل غياب روح شفافة، وصوت حمل الحقيقة بصدق، وقلب امتلأ بالمحبة والنقاء. كيف نرثي من لم تكن يومًا بحاجة إلى كلمات مزيّفة أو عبارات منمقة؟ كيف نودّع من بقيت في القلوب قبل الشاشات؟
عاشت هدى في عصرٍ باتت فيه القيم تُقاس بالمصالح، والنجاح يُرسم بالتحايل، لكنّها أثبتت أن الشرف لا يحتاج إلى أقنعة، وأن الطيبة ليست ضعفًا، بل قوة لا يدركها إلّا النبلاء. لم تكن من أولئك الذين يطفئون غيرهم ليظهروا، بل كانت من الذين يضيئون طريق الآخرين بصدقهم وإخلاصهم.
في زمنٍ كثر فيه التهافت على الصدارة، بقيت هدى شديدة في ثباتها، عفيفة في خطابها، نزيهة في مسيرتها. حملت بيتها وأخلاقها على كتفيها، وسارت بإيمان بأن ما يبقى للإنسان ليس المنصب ولا الألقاب، بل الأثر الطيب والكلمة الصادقة والقلوب التي تدعو له بصدق.
رحلت هدى، لكنها لم تغب. فكيف يغيب من ترك أثرًا نقيًّا في كل زاوية من زوايا الإعلام؟ كيف تُنسى من عاشت لتقول الحقيقة، لا لتزيّنها أو تتاجر بها؟
اليوم، ربما تحتاج السماء إلى إعلامية تنقل الأخبار من دون ألم، من دون ضجيج، ومن دون تصنّع. ربما احتاجت إلى صوت نقي يخبرنا أن الفراق ليس نهاية، وأن هناك لقاء آخر في مكان أكثر صفاءً، بلا وجع، بلا فولار، بلا مورفين، بلا أنين…
إلى اللقاء يا هدى شديد، إلى اللقاء يا هدهد السماء…