عروبة الإخباري –
تحل علينا ذكرى معركة الكرامة في كل عام كدليل حي على أن الإيمان بالله والثقة بالنفس أقوى من الغرور والصلف، وأن روح العدالة والبطولة والدفاع عن الوطن قادرة على تحقيق النصر مهما كانت التحديات. فقد سطّر الجيش العربي الأردني في هذا اليوم ملحمة بطولية أثبتت أن العقيدة الصادقة والعزيمة الراسخة تتفوق على العتاد المادي، وأن الغلبة ليست دائمًا لمن يملك السلاح الأكثر تطورًا، بل لمن يملك الإرادة الأشد صلابة.
لقد علّمنا الله في كتابه الكريم أن نعد العدة ونبذل الجهد، لكنه لم يشترط علينا أن نتفوق في العدد والعدة حتى نحقق النصر، بل أمرنا بالإخلاص والصدق في التوجه، فالجهد المخلص والقلب المليء باليقين أقوى من أي قوة مادية. وهذا ما جسّدته معركة الكرامة، حين استطاع الجنود الأردنيون بصبرهم وثباتهم وإيمانهم بعدالة قضيتهم أن يحطموا كبرياء العدو ويعيدوا للأمة العربية الثقة بأن النصر ممكن متى ما توافرت الإرادة الصلبة.
واليوم، ونحن نعيش تحديات لا تقل خطورة عن تلك المرحلة، علينا أن نغرس في أبنائنا قيم الكرامة والعزة، ونعلمهم أن التفوق المعنوي والشعور بالأنفة الوطنية هما درع الحماية الحقيقي، فالوطن لا يحميه إلا أبناؤه المخلصون الذين يدركون أن الدفاع عنه شرف وواجب مقدس. علينا أن نربي الأجيال القادمة على الصدق في النية والولاء للأرض، وألا ننتظر العون من أحد، فالعالم اليوم لا تحكمه العواطف، بل المصالح والحسابات.
معركة الكرامة كانت وما زالت مثالًا على نهوض العنقاء ، وعنوانًا للصمود والعزة، ويجب أن تبقى أعيننا مفتحة على عدو غادر لا عهد له ولا ذمة، متربص بنا في كل حين. الاعتماد على الذات هو السبيل الوحيد للحفاظ على الكرامة الوطنية، فمن ينتظر المدد من غيره سيجد نفسه رهينة لشروط لا تخدم إلا من وضعها.
رحم الله شهداء الكرامة، وحفظ الله الوطن من كل سوء، وأدام علينا نعمة العزة والكرامة.