أكثر التساؤلات حساسية بين السوريين والعرب وغيرهم، يتمركز حول حياة الرئيس السوري الانتقالي، واذا ما كان سيتم اغتياله ام انه سيبقى حتى النهاية.
وراء هذه التساؤلات تقديرات خطيرة تتحدث عن خصوم الرئيس السوري، وقبل يومين فقط اعلنت وزارة الداخلية السورية عن اعترافات لأحد أفراد خلية تابعة لتنظيم “داعش”، كانت تخطط لاغتيال الرئيس السوري أحمد الشرع، بالإضافة إلى تنفيذ هجمات على مقام السيدة زينب في دمشق، إضافة إلى إرسال سيارة مفخخة إلى منطقة معلولا لاستهداف كنيسة خلال احتفالات رأس السنة الميلادية.
لكن من هم خصوم الرئيس الذين قد يستهدفون حياته هنا، والاجابة ليست صعبة، وعلينا ان نتذكر اولا ان سورية باتت بيئة مفتوحة، لم تستقر بعد، وتتسم بالفوضى الامنية، كما انها قبل سقوط النظام كانت ملعبا لدول واجهزة امنية عالمية واقليمية، وهذا يعني ان كل الجهات التي قد تعتبر نفسها متضررة من سقوط النظام السابق، او نشوء نظام جديد بهذه المواصفات قد تعمد الى خلط الاوراق عن طريق اغتيال الرئيس، وهناك اطراف متعددة، من اسرائيل الى الروس، مرورا بالأميركيين، وربما بعض الدول العربية التي لا تريد هذا التغيير، ولا تقبله ابدا لاعتباراتها.
الحزمة الثانية التي قد تهدد حياة الرئيس السوري ترتبط بالمكونات السورية التي تضررت من سقوط النظام السابق، او نشوء نظام جديد تراه تهديدا، او تعتبره محطة ستقود الى الانفصال والتقسيم، وهنا لا بد من الاشارة الى طوائف عدة من العلويين الى الاكراد، وهناك ثارات نائمة، في مجتمع مؤهل اليوم اكثر من اي وقت مضى للانشطار الداخلي، والاغتيال هنا يوطئ لفوضى عارمة ستؤدي الى اعادة خلط الاوراق، والانتقام ربما لسقوط النظام السابق، او حتى اعلان عدم قبول النظام الحالي، وبلا شك هنا ان الارث الامني للنظام السابق، ودولته العميقة ارث ليس سهلا، وقد دمر النظام السابق اغلب بياناته الامنية، وما تزال هناك مناطق غامضة يستكشفها النظام الحالي، وبلا شك فإن النفاذ عبر نقاط ضعف او زوايا رخوة يبقى امرا محتملا، في ظل حالة عدم الاستقرار التي تشهدها سورية هذه الايام.
اما الحزمة الثالثة التي تهدد الرئيس فقد تكون من بين الجماعات التي كانت تدعمه، وفيهم من غير العرب الكثير، وهؤلاء قد يعتبرون ان الرئيس تخلى عنهم، او اشاح بوجهه عن الترتيبات التي كان متفقا عليها حول نموذج الحكم ومدى مطابقته لمعايير اسلامية محددة، ومدى التزام النظم بهذه الترتيبات في ظل اكراهات السلطة التي يواجهها النظام الحالي، وربما عدم قدرته بشكل كامل على الوفاء بالتزامات متفق عليها مسبقا، اضافة الى وجود شكوى في بعض اوساط المقاتلين لاعتبارات مالية، او غير ذلك من اعتبارات، والفروقات في تقدير الموقف بين المقاتل السوري، وغير السوري، وهذا يعني ان حدوث انشقاقات يبدو امرا محتملا، مثلما ان تهديد حياة الرئيس يبقى واردا، مع الاشارة هنا الى خطورة حدوث تنافس على السلطة من جانب جماعات محددة، قد ترغب باستبدال الرئيس بشخص داخل المعارضة المسلحة.
هذه ليست مبالغات، لكنها محاولة لقراءة الا حتمالات، في ظل طيف واسع من العداوات، والمفارقة ان الرئيس كلما ارضى طرفا من الاطراف السابقة، كلما تعرض لسخط من طرف ثان، يريد امرا ثانيا، فيما المحصلة تقول ان الظرف الاقليمي برمته قد يؤدي الى اعادة خلط كل الاوراق داخل سورية، عبر حادثة اغتيال غير محتملة الكلفة، وهذا ما قد تثبته الايام، وسبق لدمشق الجديدة ان تحدثت عنه اصلا.