يشكّل الاستثمار، خصوصًا الاستثمار الأجنبي، ركيزة أساسية لتحقيق النمو الاقتصادي وتعزيز فرص العمل في الأردن. ومن هذا المنطلق، جاءت التوجيهات الملكية المستمرة لتحسين البيئة الاستثمارية واستقطاب رؤوس الأموال من خلال تشريعات أكثر مرونة وتسهيلات تحفيزية.
فالبيئة الاستثمارية تعاني من بيروقراطية معقدة وإجراءات طويلة تستهلك وقت المستثمرين وتحدّ من سرعة تنفيذ المشاريع. كما أن ارتفاع كلف الإنتاج، خصوصًا في مجالات الطاقة والنقل، يزيد من الأعباء التشغيلية ويجعل الأردن أقل تنافسية مقارنةً بدول مجاورة تقدم حوافز مغرية للمستثمرين.
أحد أبرز العوائق التي ستؤثر على ثقة المستثمرين مستقبلًا هي غياب العقوبة الرادعة على الشيكات الراجعة، ما يخلق بيئة غير آمنة للتعاملات التجارية ويزيد من المخاطر المالية. فغياب الردع القانوني يضر بثقة المستثمرين، سواء المحليين أو الأجانب، في نظام المدفوعات، ويدفع بعضهم إلى تجنب ضخ رؤوس أموالهم في السوق الأردني.
لتحقيق بيئة استثمارية جاذبة ومستقرة، لا بد من إصلاحات جذرية تتجاوز التعديلات الشكلية. أولًا، يجب تسريع عملية التحول الرقمي في المعاملات الحكومية لتقليل التدخل البشري وتقليص زمن الإجراءات. ثانيًا، لا بد من مراجعة كلف الإنتاج، خصوصًا تخفيض أسعار الطاقة للمشاريع الإنتاجية، وتقديم حوافز ضريبية مدروسة تساهم في جذب رؤوس الأموال.
كما أن إعادة النظر في التشريعات المتعلقة بالشيكات الراجعة، وفرض عقوبات واضحة، سيعزز من استقرار المعاملات التجارية ويحد من المخاطر المالية.
الأردن لديه مقومات استثمارية قوية، لكنه بحاجة إلى إستراتيجية واضحة، ومرجعية ذات صلاحيات حقيقية، وإجراءات شفافة ونزيهة. فالسوق الأردني يمكن أن يكون وجهة استثمارية واعدة، إذا أُزيلت العوائق التي تجعل المستثمر يفضل البحث عن فرص في أماكن أخرى.