عروبة الإخباري –
في ظل الظروف الاستثنائية التي يعيشها لبنان، تبرز تساؤلات كبرى حول قدرة الحكومة الجديدة برئاسة نواف سلام على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، ودور صندوق النقد الدولي في المرحلة المقبلة، إضافة إلى الجدل المستمر حول سلاح حزب الله كشرط ضمني لعملية إعادة الإعمار. حول هذه القضايا وغيرها، كان لنا هذا اللقاء مع الصحافي والمحلل السياسي سماح مطر، مؤسس موقع “صحافة وطن”.
كيف تقيمون المشهد السياسي في لبنان بعد تشكيل حكومة نواف سلام؟
الحكومة الجديدة جاءت نتيجة توازنات داخلية ودولية معقدة، وهي تُعد بمثابة فرصة أخيرة لاستعادة الحد الأدنى من الثقة في المؤسسات اللبنانية. لكن السؤال الجوهري هو: هل ستُمنح هذه الحكومة الغطاء السياسي لتنفيذ إصلاحات فعلية، أم أنها ستواجه العراقيل نفسها التي أجهضت الحكومات السابقة؟ برأيي، التحدي الأكبر أمام نواف سلام ليس فقط وضع خطط إصلاحية، بل القدرة على تطبيقها في ظل تركيبة سياسية متشابكة ومصالح متضاربة.
هل تتوقعون خطوات ملموسة من صندوق النقد الدولي تجاه لبنان؟
صندوق النقد لا يعمل وفق العواطف، بل وفق أرقام ووقائع. صحيح أن هناك محادثات إيجابية، لكن لبنان لم ينفذ بعد الإصلاحات المطلوبة، مثل إعادة هيكلة القطاع المصرفي وضبط المالية العامة. أي خطوة جديدة من الصندوق ستبقى رهناً بمدى التزام الحكومة بالتنفيذ، وليس مجرد الوعود. والأهم أن صندوق النقد لا يمنح مساعدات مجانية، بل يقدم قروضاً مشروطة تتطلب إجراءات قد تكون مؤلمة للبنانيين.
برأيكم، هل هناك ربط بين إعادة الإعمار وسلاح حزب الله؟
هذا الملف حساس للغاية. هناك ضغوط دولية غير معلنة تربط بين دعم لبنان مالياً وبين معالجة ملف سلاح حزب الله، سواء عبر تحجيم دوره أو دمجه ضمن استراتيجية دفاعية وطنية. في المقابل، يرى الحزب ومن يدعمه أن إعادة الإعمار يجب أن تتم بمعزل عن أي شروط سياسية. الحقيقة أن هذا التجاذب سيؤخر عملية الإعمار، لأنه لا يوجد توافق داخلي حول كيفية معالجة هذه المسألة. لبنان بحاجة إلى حلول وسط، لكن حتى الآن، لا يبدو أن الأطراف المختلفة مستعدة لتقديم تنازلات.
برأيكم، ما الذي ينتظر حكومة نواف سلام في المرحلة المقبلة؟
هي أمام اختبار صعب جداً. نجاحها مرهون بقدرتها على كسب ثقة الداخل والخارج، وهو أمر ليس سهلاً. الملفات المعيشية ضاغطة، والناس فقدوا صبرهم. إذا لم تقدم هذه الحكومة حلولاً ملموسة، فإنها ستتحول إلى حكومة تصريف أعمال فعلية، ولن تكون أفضل حالاً من سابقاتها.
ما رسالتكم للبنانيين؟
اللبنانيون تعبوا من الوعود المطلوب اليوم هو مساءلة حقيقية لمن يتولون السلطة، وعدم التساهل مع أي تقاعس أو فساد. لبنان يستحق دولة تحترم مواطنيها، وليس مجرد حكومات تمرّ دون إنجاز.
هكذا، يضع الصحافي سماح مطر الإصبع على الجرح، في تحليل واقعي بعيد عن الشعارات، وسط مشهد سياسي واقتصادي معقد، فهل تحمل الأيام المقبلة تغييراً حقيقياً أم أن السيناريوهات التقليدية ستتكرر؟