خير ما نستهل به أسبوعا جديدا الوقوف احتراما لخبرين شاغلا شغاف القلب داخل المملكة وخارجها للأردنيين وغير الأردنيين على حد سواء.
مشاعر فيّاضة غمرت الناس وهي تتفاعل مع محبة واحترام وثقة الأردنيين بفرسان الحق، فرسان دائرة المخابرات العامة وقواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية وتلك التشكيلات المعنية بخط الدفاع الأول وإنفاذ القانون كالشرطة والسير والدفاع المدني وجيشنا الأبيض من أطباء وممرضين، في الدائرة الأكبر لهذا الحمى الأردني وهذا العرين الهاشمي العبدليّ الحصين الأمين.
من الجندويل، من جبل الكرسي في عمّان «السبع المثاني» بتلالها-جبالها السبعة ونجمتها السباعية ناصعة البياض، طارت الأخبار بلمح البصر من تحت قبة البرلمان، إلى كرك الهيّة، إلى جبال مؤاب، إلى جبل من جبال عشائرنا الأصيلة، كرام الناس، الحباشنة. الشيوخ تعرف قدر الرجال الأحرار، وأمهاتهن وأخواتهن وبناتهن الحرائر.
لا حادث سير هو من قبل ومن بعد قضاء وقدر، ولا ثرثرة المسيئين إلى أنفسهم أولا وآخرا وأحيانا إلى تنظيمات ونظم خارج حِمانا وبعيدا بعيدا، بعيدا إلى أبعد مدى عن قيمنا. لعل من أهمها تلك القيمة المتعلقة بالأمانة التي أبت الجبال حملها وأخفقن من ثقلها إلا من وصفه القرآن الكريم ب «الظلوم الجهول»، الإنسان.
تعمدت التجاوز عن تفاصيل الخبرين وكلاهما يحمل الكثير الكثير عن فراسة النشامى. يحسنون قراءة المستقبل دون التخصص في «الدراسات المستقبلية». يجيدون إنزال الناس -كل الناس بحسنهم وسيئهم- إنزالهم منازلهم، ويا لها من بلاغة الفعل! فمن بقدر الأب الذي لم تنسه فاجعة فقد فلذة كبده أن حرائرنا لا يقيمن ولا يمررن إلا في قصورهن، دور عزّ وميادين عمل وعطاء وفداء يدا بيد، نشميات ونشامى.
«حنّا كبار البلد»… حفظها الناس عن ظهر قلب أنشودة وأهزوجة أردنية يراها الأردنيون ومحبو الأردنيين في وجوه الناس في حياتهم اليومية. يرونها دون عدسات جوالة، يرون فيها ما تلخصه تلك الجامعة الأردنية الأثيرة -جامعة مؤتة بجناحيها العسكري والمدني- الجامعة الجنوبية الأولى التي لخّصت الانتماء الصادق، أردنيين مدنيين وعسكريين، عاملين ومتقاعدين، أمام الكاميرا وخلفها، تحت القبة وخارجها، داخل «الرابع» وحواليه حتى أطراف أطراف حدود الحمى في واجهاته الست.. فحتى باطن الأرض والسماء العليا، أمانة في أعناقنا كما أوجزها لنا يوما -طلبة أمّ الجامعات، الجامعة الأردنية- دولة أحمد اللوزي رئيس مجلس الأعيان بحضور أستاذنا في العلوم السياسية الدكتور حسني الشياب، كتب الله مقامهما في عليين.
وددت لو عرّفنا الإعلام الخاص أو العام (الحكومي) الأردني والصحافة المعنية عبر فضائيات ومنصات شقيقة باليوميات والشؤون الأردنية، وددت لو عرفوني أكثر بالقيم الأردنية. لا أقول قصصا إخبارية كالتي يتميز بها الإعلام الأمريكي في نشرات الأخبار والتغطية الصحفية بل برنامجا خاصا لكل من الخبرين، بدلا من تلك الوثائقيات المترجمة المستوردة بالعملة الصعبة!
القصص الأردنية عظيمة وتكاد تكون يومية لمن ينظر ويرى. «عَلامْهم» ما يخبرون العالم عنها؟ أقله محليا؟! في زمن ليس ببعيد، كانت الحماسة في أوجها لأردنة الإعلام ولتخصيصه. عنيت جعله خاصا مغرقا في محليته ومناطقيته، فذلك سر النجاح والطريق الأقصر للعالمية، والدليل الأديب المصري الكبير الراحل نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل لإمعانه في وصف أدق تفاصيل الحارة المصرية وزقازيقها.
ليس سرا أن القصص التي تذكي مشاعر إنسانية أو وطنية سامية هي المادة الأفضل لصناعة المحتوى، المحتوى الذي يدوم ويبقى خالدا من خلال أعمال فنية تحفرها في الذاكرة الوطنية حتى تُخرس المرجفين من شلل «إسكات التاريخ» الذين لطالما ثبت كذبهم وافتراؤهم على التاريخ القديم والحديث، فما بالك في المعاصر، والعالم كله يعاني من آفات أفاقين يمتلكون أدوات التزييف الجمعي والعميق.