عروبة الإخباري – د. فلك مصطفى الرافعي –
في حاجة ملحّة لطرح إشكالية ضرورية لدور الآذان هل هو وظيفة ام رسالة ؟؟ فقد اخبرني احد اقربائي عن رب عائلة مسيحية تسكن في محيط ساحة التل الذي اتى في يوم متجهّم الوجه قائلا له : ” منذ سنوات و انا استفيق على صوت مؤذن لصلاة الفجر فأسبح في جمال صوته و نُبل دعوته و اتمايل سعادة في إنتقاله بين دعوة و دعاء ، الى ان إستفقت هذا الصباح على صوت مرعب فيه حشرجة ، فبالله عليك ان تتوسط لدى ولاة أمر الآذان أن يتقوا الله فينا ” .. و للحقيقة ان معظم مساجدنا اليوم تعتمد التسجيلات بأصوات جميلة من شيوخ على شهرة في التجويد …
هذا في الخارج، اما في الداخل حيث تتماوج الصفوف استجابة لنداء الإنخراط في متعة الصلاة ،و اسمع الكثير عمن هم من الكرام في تقواهم و علمهم و حفظهم ، غير ان السماء لم تمنحهم أصوات جميلة فينقلب الخشوع المطلوب إلى تذمّر و رغبة بإنتهاء شروط الصلاة ، بينما الغاية النبيلة هي الرجاء بدوام الصلة بالصلاة بين الإله و بين العبد و التفكر المليّ في معاني الآيات و السور ..
و إن من مشكلة ذرَّت بقرنها في موضوع الوظائف التي تبدو في هذا الطرح انها ستؤول بكاملها إلى اصحاب المواهب الجميلة ، و لعلّ في إقتراح إسناد الإمامة في الصلوات ” الجهرية” ( الفجر و المغرب و العشاء ) إلى ذوي النداوة في القراءة ، و في صلاتىٌ السر ( الظهر و العصر ) إلى الاصوات المتواضعة …فالمسجد أنقى رسالة و العبد في أمر الصلاة أقرب ما يكون إلى ملائكية مؤقتة، اىٌ كأنه يمارس كل شروط الإسلام ،فالشهادة في الصلاة ،و الصيام في الصلاة لضرورة الامتناع عن الطعام و الزكاة أنه يحصل ثواب كبير ،و يتجه صوب القبلة موضع الحج ، فإذا ما إنقضت الصلاة عاد إلى آدميته بين الملاك و الشيطان .. …وتالله لذيّاك الشعور العالي لسيدنا بلال ( صاحب الصوت النديّ ) يُعلن جهارا بالآذان ،و تالله ليوم اعتلى فيه الكعبة يوم الفتح لأذان قيام الدولة الإسلامية …
اما عن ماهية الآذان فهو الرسالة الأولى التي أعلنت الإنخراط في العبادة لله سبحانه و تعالى مرتصفة بها العباد ، فالصلاة لا تكون إلا بالآذان و بالدعوة الصريحة و المشترطة ، و هو الرسالة المتعددة الأهداف للعبادة التي لا تسقط إلا لظروف قليلة كالجنون و الغيبوبة، و هي الصلاة الموقوتة في اليوم و الليلة و ميقات لصلاة الاعياد و لنحر الاضاحي حين التكبير و الآذان للحج ، و للجهاد دعوة بالآذان و الاجتماع و التكبير ووداع الجيوش ،و في الولادة آذان في الاذن اليمنى و إقامة في الاذن اليسرى …و دعوة لانتهاء يوم الصوم بالافطار ، و هنا اتوجه بنداء إلى المسؤولين عن امر خطير قبل ان يقال لهم يوم القيامة ‘ قفوهم إنهم مسؤولون ” ان يعيروا رسالة الآذان اهتماما لجهة توحيد آذان مواقيت الصلاة لينطلق الصوت العذب في وقت واحد بعد اعتماد المكننة الدقيقة ، فالحرج في إختلاف المواعيد بين مأذنة و ثانية قد يتعدى بضع دقائق. و تكمن الإشكالية الكبرى في شهر الصوم ، فنرى من يفطر على أذان اقرب مسجد لمسكنه ، و نرى البعض على إمساك حتى يسمع النداء من مئذنة قريبة منه ….
مع العلم أن العاصمة قد اعتمدت التوقيت الموحّد ….
و من اروع ما علمت تحذيرا نادى به أهل العلم في مدينة دبي لنزلاء برج خليفة الأعلى في العالم لجهة اعتماد و ملاحظة فروقات التوقيت بين الطابق الأعلى و بين المطاعم في الأقسام السفلى ، لأن الشمس تغرب اولا عن الطوابق الأولى ، و بعدها لدقيقة أو أكثر تغيب عن شواهق الطبقات المجاورة للغيوم .. .
إن رسالة الآذان قيمة في التوقيت الإسلامي ….
…و لكل من يعجب أن خضت في هذا الأمر ، فأنا اولا أؤمن برسالة الآذان، و من ثم ّفإنني ابنة الشيخ القاضي و العلاّمة!