عروبة الإخباري –
في عالم تموج فيه الكلمات وتتداخل الأصوات، ظهرت، لارا نون كصوت نقي ينساب إلى القلب قبل الأذن، تحمل بين أناملها نور الإيمان، وتسكب من روحها نفحات تُنعش الأرواح العطشى إلى الحق والجمال. ليست مجرد كاتبة، بل مرآة تعكس عمق الروحانية المسيحية، تنسج بحضورها المؤثر وجمالها الساحر كلمات تُحاكي السماء، وتأخذنا في رحلة تأملية تمزج بين البركة الإلهية وسحر القداسة.
وتُجسّد سلسلة الحلقات الروحية التي نشرتها لارا نون دعوة عميقة للعودة إلى الجذور الإيمانية من خلال التأمل في شخصية مريم العذراء، والتشبّه بمسيرة الطوباوي الأخ أسطفان، كقديس معاصر يعكس نقاء الروحانية المسيحية.
مريم العذراء: التابوت الحي للعهد الجديد
في الحلقة التاسعة، وُصفت مريم بأنها “تابوت العهد”، وهو تعبير يحمل دلالات كتابية قوية، إذ كما كان تابوت العهد في العهد القديم موضع حضور الله، فإن مريم أصبحت “مسكن قداسته”، إذ حملت في أحشائها كلمة الله المتجسد. هذا التصوير يرسّخ البعد اللاهوتي لمريم كوسيط بين المؤمنين وابنها يسوع، حيث تتضرع من أجل شعبها ليحملوه في حياتهم ويعيشوا بحسب مشيئته.
مريم، أرزة لبنان: القوة والثبات في الإيمان
في الحلقة الثامنة، يُرمز إلى العذراء بأرزة لبنان، في إشارة إلى متانتها الروحية، وثباتها في الإيمان، ودورها كأم تشفع أمام ابنها من أجل الكنيسة والشعب. هذه الصورة تدعو المؤمنين إلى التمثل بصبرها وثباتها، تمامًا كما فعل الأخ أسطفان، الذي كان مثالًا للعامل في “كرم الرب”، يعمل بصمت من أجل وحدة الكنيسة في القداسة والمحبة.
القداسة من خلال الاتحاد بالمسيح
تُركّز الحلقات السابعة والسادسة على أن طريق القداسة يتجلى في قبول المسيح في الحياة اليومية، على مثال الأخ أسطفان الذي عاش الإيمان قولًا وفعلًا. إذ يشير النص إلى ضرورة أن يصبح كل مؤمن “هيكلًا مقدسًا لحضوره”، أي أن يتحول إلى أداة لنقل حضور الله في العالم.
الروحانية العملية: الطاعة، التواضع، والبساطة
من الحلقات الرابعة إلى الخامسة، يظهر بُعدٌ عملي للروحانية، حيث يُسلَّط الضوء على فضيلة الطاعة للمشيئة الإلهية، والتواضع، وروح البساطة التي عاشها الأخ أسطفان. هذه القيم تُظهر كيف يمكن للحياة اليومية، حتى في أكثر المهام بساطة، أن تكون سبيلاً إلى القداسة.
الاتحاد بالآلام والتضحية كطريق للخلاص
في الحلقات الأولى، نجد تأكيدًا على قيمة التضحية والتألم في سبيل الإيمان. فكما قدّم المسيح حياته فداءً للبشر، كذلك عاش الأخ أسطفان التجرّد الكامل عن الذات، مقدمًا أتعابه اليومية كتقدمة حبّ. وهذه النظرة تدعو المؤمن إلى قبول الصليب في حياته بإيمان ورجاء.
دعوة إلى القداسة في الحياة اليومية*
تشكل هذه السلسلة مسيرة روحية تتصاعد تدريجيًا من التأمل في دور مريم العذراء إلى التشبه بالأخ أسطفان في عيش الإيمان. من خلال الصلاة، التواضع، الطاعة، والتضحية، يتمكّن المؤمن من أن يكون شاهدًا حيًا للمسيح في العالم. إنها دعوة لكل شخص ليصبح “هيكلًا مقدسًا”، حاملاً حضور الله أينما كان، ومجسدًا لمحبته في أبسط تفاصيل الحياة.