عروبة الإخباري – د. فلك مصطفى الرافعي –
من بلادنا ابحرت سفن تحمل على رقّ الغزال و الواح حجرية مبادئ الابجدية.
من شواطئنا صدّرنا الفروسية و مكارم الاخلاق و التجارة، وعلى هودج امواجنا عانقت قوارير المسك و العنبر و نتائج احصاء جديد لآلاف الزهور، عبرت سواحل الدنيا و ملأت رئات العواصم و المدن بأريج عربي و بتوقيع عربي ،حتى تكالبت علينا الامم و سرقت حضارتنا و نحن أشبه بالبُكم، و ادّعت لنفسها زورا اختراعات باهرة و كأننا الصمُّ , و املت علينا إرادتها و ٱبتكاراتها و كأننا العاجزون المقعدون ننتظر النسيم ليحرّكنا و يقلّب أجسادنا حتى لا تهترئ و تصدأ..
إخترعوا لأنفسهم و خاصة لنا الجوائز العالمية في كل الفنون و الإبداعات، و ارتصفنا بالطابور نقدّم عقولنا و جهد نبوغنا، لنحظى برضى و تقدير أهل الجوائز العالمية مع التزامنا بكل ” دفتر شروطهم ” ننفذ التعليمات بحذافيرها من “إخراج القيد” حتى آخر ما نملكه فقط لننال بركة اصحاب الحظوظ، نتوسط، نجاهد، نسعى و نحاول المستحيل لإدراج (الاسم العربي) في قاموس جوائزهم.
إخترعوا جائزة الاوسكار للمبدعين و سالت لعابنا شوقا لحجز مقعد في الصفوف الاخيرة في القاعات الغربية و إن إضطررنا أن نقف إن فاتنا الفوز بمقعد متأرجح.
تفتقت عبقريتهم عن اختراع جائزة ” نوبل للسلام ” المنشأة في الاصل لراحة نفس مخترع البارود لغايات سلمية ، فكان لتجميع اشلاء بشرية .. و بدأ الغرب بإنتقاء الأسماء اللامعة من أرجاء الدنيا و (بارّ الوالدين) من يندرج إسمه في قوائم طويلة ليأتي التكريم و الإختيار بعد لأيّ و معاناة … و جوائز عديدة كانت مثل الفخ لإصطياد المال العربي و الإبداع العربي و حتى الجمال العربي له دكاكين و دهاليز و سماسرة، و نتباهى امام الدنيا اننا فزنا و اصبنا المجد، فأخيرا وقع الإختيار على احدنا و نال البطاقة العالمية و الهوية المذهّبة اديب العرب نجيب محفوظ..
من “السعفة الذهبية” إلى مجموعة غينيس للارقام القياسية” إلى”الخنفسة الماسية” إلى نشرة “فوربس” التي تكشف أرصدة و ثروات الأمة العربية. فما المانع من استحداث جوائز عالمية عربية تخضع لمعايير شفافة و صادقة؟، ام ان ركوب الموجة الغربية هو الطريق الوحيد الموصل إلى النجاح؟
لم لا تكون لدينا (غينيس عربية) فنحن اصحاب الصدارة في كل المقاييس الإيجابية منها و السلبية، ونحن الذين دفعنا الأموال الطائلة و قيمة الإشتراك و كل مندرجات المسابقة لصناعة أكبر “صحن حمص في العالم و أكبر قرص فلافل” ليندرج إسمنا في سجلات غينيس.
و مع الٱعتراف بوجود مؤسسات عربية تسعى لإقامة جوائز عربية، غير انها ما زالت تتعثر بسبب إرتباطنا الأعمى و انقيادنا و انصياعنا إلى جوائز الغرب… لإنشاء “غينيس عربية” يعود ريعها لمشاريع عربية و تنمية عربية ، فنحن أكثر شعوب العالم في ارقام الإنقلابات العسكرية و الثورات، و الثبات على الكرسي حتى آخر نفس، و الأحزاب و لنا الباع و الإبداع في إعطائنا نتائج إقتراع باهرة، و نحن في صدارة من يملكون أردا سجون في العالم، لأن رسالة السجن تقويم و إصلاح “و لكم في القِصاص حياة”!!
و نحن الاوائل في قمع الانتفاضات والتنكيل بشعوبنا، و نحن ملوك الشعارات التي لم تترجم إلى واقع و إنما بقيت في عالم الخيال .. و إيجابيا نحن الاوائل في امتلاك ثروات التاريخ و التراث و المدن الأثرية و العلماء و دور العبادة ..
دعوة إلى إنشاء جوائز عربية على غرار ما أسلفت، و عندها سنجد العالم الثالث يسعى إلينا و نحن في خاصرته ، و بعدها نفرض على الدنيا أن لنا رأيا في كل الإنجازات ..
… السنا نحن الذين كرّمنا الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم ” كنتم خير أمة أخرجت للناس” ؟ ام أن لنا رأيا آخر؟