منذ بداية رمضان وأنا أتابع ولائم الأيتام، ولائم تحتوي على الدجاج والسلطة.. ومجموعات من الأيتام حول الطاولة, وموسيقى تصويرية تمثل الخير, ورئيس الجمعية التي تمول الإفطار يطوف عليهم ويمسح بكفه الحانية وجوههم… وبعد ذلك يختم الحفل بأحاديث نبوية تحث على الصدقة.
مجهول النسب أو اليتيم في المجتمع، ليس حالة تصنف في سلم المبادرات والجمعيات كإنجازات, وهو ليس مادة إعلامية تشيد بسماحة وكرم وعفة الذين يدفعون لأجل الخير…
في النهاية هم أطفال يحضرونهم، يقومون بتصويرهم دون إذن.. بقبضون عليهم، هم أحداث لا سلطة لهم على أنفسهم، وبالتالي ما يحدث هو استغلال فاضح لليتم والفقر والحاجة، من أجل تسجيل بعض المآثر لهذه الجمعية أو تلك.
هناك جمعيات ومبادرات، جمعت مئات الألوف من الدنانير باسم اليتيم ومجهول النسب ومريض السرطان، ومريض السكري، ومريض التوحد… وهؤلاء يتم تسجيلهم في وزارة الثقافة أو وزارة التنمية باسم جمعيات غير ربحية، وبالتالي لا يقدمون براءة ذمة مالية، ولا يوجد رقابة عليهم.. هم في النهاية يمارسون عملية تجارية ربحية، باسم هذه الفئات من المجتمع.
وعلي المجتمع أن يراقب المادة الإعلامية التي تصدر، وعليه أيضا أن يشيد بجهودهم في عمل الخير، وأن يتعاطف مع الأيتام، وأن يبادر إلى تقديم الدعم المادي لهذه الجمعيات.
تلك رسالة لوزير الثقافة، ووزيرة التنمية الإجتماعية.. لا يوجد في القاموس مسألة اسمها جمعية غير ربحية، كل من يسجل مبادرة أو أو مؤسسة بهذا الاسم تتيح له الصفة هذه أن يقوم بجمع عشرات الألوف، ولا أعرف هل يسجل هذا في باب التحايل على القانون، أم يسجل في باب عمل الخير؟ في النهاية هو يتحرر من الجهة الرقابية.
أول أمس حضرت حفل إفطار للأيتام, الجهات الداعمة لهذا الحفل عرضت شعاراتها على الباب، أحصيتها ووجدت أنها (36) جهة، المشكلة أن كلفة الحفل كاملة بالماء والطعام والألعاب، لا تتجاوز (3000) دينار، ولو قلنا إن الجهات المساهمة تبرعت بمبلغ ألف دينار من كل جهة، ماذا ستكون الحصيلة؟
العمل الخيري في الأردن صار يتحول لعمل ربحي، صار استغلال اليتيم والمريض والطفل فيه، حالة تضر بروح هذا العمل، أتمنى من وزارة التنمية الاجتماعية أن تراقب هذه المؤسسات، كي تدرك حجم الاستغلال في كثير منها.