عروبة الإخباري –
في خطوة تشريعية هامة ومبشرة، أعلنت الحكومة الكويتية عن تعديل مدة السجن المؤبد لتصبح 20 عامًا بدلًا من مدة الحياة التي كانت سارية في السابق.
هذا التغيير، الذي جاء بناءً على توجيه أمير البلاد، الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، والذي يندرج في إطار حرص الدولة على تعزيز النهج الإصلاحي والتأهيلي داخل مؤسساتها الإصلاحية. ويعكس التعديل الجديد استراتيجية شاملة تهدف إلى تحقيق التوازن بين العدالة الجنائية والإصلاح الاجتماعي، مع توفير فرص أكبر للمحكوم عليهم لإعادة دمجهم في المجتمع بعد قضاء فترة عقوبتهم.
توجيهات أمير البلاد: رؤية إصلاحية طموحة
القرار الصادر جاء بتوجيهات سامية من أمير البلاد، الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، الذي أكد على ضرورة إحداث تغييرات جذرية في السياسات الإصلاحية، لتتناسب مع متطلبات العصر ولتعزيز المبادئ الإنسانية في التعامل مع المحكوم عليهم. وبتوجيه من أمير البلاد، تم تنفيذ هذا القرار بناءً على تعليمات رئيس مجلس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية، الشيخ فهد يوسف، الذي أكد أن هذه المبادرة تهدف إلى تحسين أداء النظام القضائي بما يحقق العدالة ويعزز من فعالية برامج التأهيل داخل السجون الكويتية.
مراجعة شاملة للملفات قبل انقضاء المدة
يتضمن القرار أيضًا تشكيل لجنة متخصصة مهمتها فحص ملفات المحكوم عليهم بالسجن المؤبد قبل انقضاء مدة الـ 20 عامًا، وذلك للتأكد من تطبيق القرار بالشكل الأمثل. اللجنة ستقوم بمراجعة شاملة لحالات النزلاء المحكوم عليهم بأحكام السجن المؤبد، وهو ما سيمكنها من تحديد النزلاء الذين يحق لهم الاستفادة من هذا التعديل. يتم هذا الفحص قبل ثلاثة أشهر من إتمام مدة 20 عامًا، بحيث يتاح للنزلاء الذين تنطبق عليهم الشروط فرصة للنظر في إمكانية إعادة تأهيلهم وإطلاق سراحهم.
دور الوزارة في تنفيذ القرار وتحقيق العدالة
وفي تصريحات له، أكد وزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف أن هذا القرار يعد جزءًا من رؤية الكويت الهادفة إلى تعزيز فلسفة الإصلاح في النظام القضائي، مشيرًا إلى أن الخطوة تواكب رؤية الدولة في تحقيق العدالة الاجتماعية وتقديم فرص متكافئة لجميع المحكوم عليهم. وأوضح أن هذا التعديل لا يعني فقط تنفيذ العقوبات، بل يعكس أيضًا التزام الدولة بتأهيل السجناء وتمكينهم من العودة إلى المجتمع بشكل إيجابي.
الوزير اليوسف أشار إلى أن دولة الكويت تعمل بشكل مستمر على تطوير المؤسسات الإصلاحية لتكون بيئة قادرة على توفير فرص إصلاح حقيقية للنزلاء، من خلال برامج تعليمية وتدريبية تهدف إلى تأهيلهم نفسيًا واجتماعيًا لمواصلة حياتهم بعد إطلاق سراحهم. ولفت إلى أن وزارة الداخلية، من خلال المؤسسات الإصلاحية، تؤمن بأن نظام العقوبات يجب أن يترافق مع فرص للإصلاح الاجتماعي وتهيئة النزلاء للعودة للمجتمع بشكل آمن وفعّال.
تطوير المؤسسات الإصلاحية والخدمات المتكاملة
وأشاد الوزير اليوسف في تصريحه بمستوى التطور الكبير الذي شهدته المؤسسات الإصلاحية في الكويت خلال السنوات الأخيرة. فقد تم تحسين المنشآت السجنية بشكل ملحوظ، وأُدخلت العديد من الخدمات الصحية والاجتماعية التي تسهم في تحسين بيئة السجون وتوفير الرعاية المتكاملة للنزلاء. كما أن الكويت أصبحت تعد نموذجًا في الالتزام بالمعايير الإنسانية داخل السجون، حيث تسعى لتوفير بيئة آمنة وصحية تتيح للنزلاء فرصة حقيقية للإصلاح.
التعاون بين الجهات الرسمية والمجتمع المدني
شدد الوزير على أهمية التعاون المستمر بين مختلف الجهات الرسمية والمجتمع المدني لدعم البرامج الإصلاحية والتأهيلية داخل السجون، وهو ما يعزز من فاعلية هذه البرامج ويسهم في تحقيق الأهداف المرجوة منها. وأكد أن إصلاح النظام القضائي لا يتوقف عند إصدار القوانين أو التعديلات التشريعية فحسب، بل يتطلب أيضًا شراكة حقيقية مع المجتمع المدني لدعم كل الجهود المبذولة من أجل التأهيل وإعادة الإدماج الاجتماعي للنزلاء.
نهج الكويت في مجال حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية
من خلال هذا القرار، تؤكد دولة الكويت مجددًا التزامها العميق بقيم العدالة وحقوق الإنسان، في الوقت الذي تسعى فيه لتحقيق التوازن بين تحقيق العدالة الجنائية ومنح المحكوم عليهم فرصة لإعادة بناء حياتهم. كما أن هذا التعديل يعكس فلسفة الدولة في تعزيز نهج الإصلاح والتأهيل داخل السجون، والذي يهدف إلى تمكين النزلاء من العودة إلى المجتمع كأفراد قادرين على الإسهام في بناء وطنهم والالتزام بالقانون
تخفيف السجن المؤبد إلى 20 عامًا: خطوة نحو تعزيز الإصلاح والتأهيل في النظام القضائي* الإعلامية ليلى القحطاني
4
المقالة السابقة