عروبة الإخباري –
في الأول من مارس عام 1956، اتخذ الملك الحسين بن طلال، رحمه الله، قرارًا مفصليًا في تاريخ الأردن والمنطقة العربية، تمثل في تعريب قيادة الجيش العربي الأردني، وإعفاء الجنرال البريطاني (المعروف بـ”غلوب باشا”) من منصبه كقائد عام للجيش. شكّل هذا القرار لحظة فارقة في مسيرة الاستقلال الوطني الأردني، ورسّخ السيادة الكاملة للدولة على جيشها.
بعد استقلال الأردن رسميًا عام 1946، ظل النفوذ البريطاني حاضرًا في شؤون الدولة، خاصة في الجيش، حيث كان غلوب باشا يشغل منصب القائد العام منذ عام 1939. ورغم ما قدمه من خبرة عسكرية، إلا أن وجوده كان يمثل امتدادًا للسيطرة البريطانية على القوات المسلحة الأردنية، مما حدّ من قدرة القيادة الوطنية على اتخاذ قراراتها بشكل مستقل.
مع تصاعد الوعي القومي العربي في الخمسينيات، وشعور الملك الحسين بأهمية تمكين الضباط الأردنيين من قيادة جيشهم، جاء القرار الشجاع بتعريب قيادة الجيش، ليؤكد على الاستقلال العسكري والسياسي للأردن.
وقد شكّل تعريب قيادة الجيش خطوة حاسمة في تأكيد استقلال القرار الأردني، ووضع حدٍّ لأي تدخل خارجي في شؤون القوات المسلحة.
وفتح القرار المجال أمام الضباط الأردنيين لتولي مناصب قيادية عليا، مما عزز الشعور بالمسؤولية والانتماء الوطني، وأسهم في بناء جيش أكثر ارتباطًا بالهوية الوطنية.
وقد لاقى القرار ترحيبًا واسعًا في الأوساط العربية، إذ اعتُبر خطوة جريئة في مواجهة النفوذ الاستعماري، ورسالة واضحة بأن الأردن ماضٍ في تحقيق استقلاله التام.