عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب –
فوالله العظيم لو دعيتم للتطوع والجهاد من أجل انقاذ أطفال فلسطين وحياتهم التي يدمرها الاحتلال الاسرائيلي بالابادة، لما تأخرتم دقيقة، ولما انشغلتم عن ذلك بأهليكم وأموالكم.
لم تقولوا للواجب الشرعي ولا واجب الكرامة “شغلتنا أموالنا وأهلونا بل أنكم تتمزقون الماً وغضبا حين لا تستطيعون ورود المعركة وتقديم التضحيات الواجبة، وها أنتم تقومون بما يبيض الوجه، ولو كان أضعف الايمان حين تغرق الأمة في الكفر وتغادر مرابض الكرامة وتعلن الخوف والفزع، أحسست وكأن الدماء تتدفق في عروقي وانا أتابع خبر إرسال الأردن باسم مواطنيه المخبز المتنقل الى قطاع غزة وبتوجيهات ملكية وبإسناد من المطبخ المركزي العالمي الذي سقط منه شهداء وتعرض أفراده للقتل من جيش الاحتلال اثناء حرب الإبادة على غزة.
الأردن يرسل المخبز المتنقل ليجوب أماكن ضربها الجوع وخلف فيها شهداء الجوع وسد الرمق.
وصل المخبز، وهو أهم من الأسلحة ومن أهم أشكال الإسناد الأساسية، والأردنيون يطعمون الطعام على حبه (يطعمون الطعام على حبه (مسكيناً ويتيماً واسيراً)، أليس هؤلاء هم جموع أهل سكان غزة.
الأردنيون يخلفون المجاهدين في أهلهم بأسباب الحياة ومكوناتها وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم ولم نكتف بالدعاء بل جعلنا مع دعائنا الخبز لغزة.
نعم رغيف الحياة، رغيف الخبز يقدم لإغاثة الملهوفين والمحتاجين والجياع، وكل رغيف يحمل توقيع أردني غاضباً وفيه رسالة.
هذا المخبز يكاد يكون معجزة حين وصل وبدأ العمل، وهو مزود بكل أسباب الاستمرارية من وقود وطحين وخبازين وفنين وأفراد من القوات المسلحة التي أنجزت الواجب وحمته.
والمخبز ينجز في الساعة (3500) رغيفا ويعمل على مدار الساعة بأطقمه العديدة، وقد مضى على التوزيع أكثر من أسبوع وما زال مستمراً ومتحركاً.
لقد ابتكر الغزيون نتاج الحاجة ما لا يخطر على بال أحد من اجل الحفاظ على حياتهم وسيكشف عن براءات اختراع إنسانية يتعلم منها العالم في الأزمات اضافها الغزيون لقاموس الحياة، وها هي نساء غزة تعيد انتاج صناعة الانسان منذ بداية التاريخ في تجسيد للحضارة في وجه الهمجية وللحياة في وجه الابادة، فما جرى في غزة من جرائم لم تعرفه النازية الألمانية ولا جرائمها ضد اليهود الذين تفننت قيادتهم النازية الصهيونية، الان في فلسطين وتجاوزت النازية وأفعالها بسنوات ضوئية وكشفت عن عمق أمراض هذا المجتمع النازي الذي تحول الى التطرف، ولم تسمع فيه ما يسمع من الأصوات ولا حتى من الأمهات أو ممن يعتقد انهم مفكرون، فقد صمتوا صمت القبور وتركوا الة الابادة تقتل الأطفال بشكل بشع غير مسبوق.
المخبز المتنقل الأردني هو اكبر هدية تقدم لغزة والأردنيون من خلال قيادتهم لم يخذلوا غزة، حين خذلها الآخرون ولم يصابوا بالوهن …. حين أصاب الآخرين من فقدان كرامة
ماذا ينتظر الأحرار في العالم ليقدموا على الأقل خيم وكرافانات لغزة كما فعلوا للاجئين السوريين في مخيماتهم، ألم يحن الوقت لفعل ذلك فوراً
لماذا تتدفق المساعدات بعد كل كارثة وزلزال وحرب وتتوقف أمام أبشع حرب إبادة وتترك الناس بلا مأوى؟
هل اسرائيل وقراراتها قدر لا يرد؟ ولماذا يطأطئ القادة رؤسهم أمام تعليماتها؟ هل هو خوف أم الضعف أم الجبن أم غياب المحاسبة؟
اسرائيل “نمر من كرتون” اكتشفه الفلسطينون في غزة الذين قاتلوها وجها لوجه، لأول مرة في تاريخ الصراع بهذه البطولة، ليؤكد هشاشتها رغم آلة الحرب الأمريكية المرعبة التي تمتلكها وأمام التحالف المجرم معها دول أوروبية وفي مقدمتها بريطانيا المجرمة كانت السبب في مآساة الفلسطينيين منذ وعد بلفور عام 1917.
نعم، وإن كان الأردنيون بدأوا في المخبز المتنقل، فإنهم بإرادتهم وخلف قيادتهم يستطيعون أن يفعلوا أكثر وان يسندوا أكثر وان يفتحوا باب التبرع العلني (بمارثون) لغزة يبدأ الآن يغطي تبرعات الطعام والشراب والكساء والسكن والعلاج والحاجات الانسانية الملحة.
نعم لنبدأ الآن فقد ظل الأردن والأردنيون في المقدمة من النخوة والكرامة والانتصار للشقيق
وليكن الشعار الآن:
” لا يسألون أخاهم حين يندبهم.
في النائبات على ما قال برهانا”
أنها الحياة التي تحفظ تاريخها وما تقدم ولايضيع من التاريخ عمل الخير والإغاثة، الغزيون هم البذرة الباقية لاخصاب هذه الأمة وحفظ نوعها.
وما قاله الرسول (ص) عشية الاشتباك في معركة بدر (ربي أن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض أبداً) ولقوله إنه سقطت المقاومة وأبيد أهل غزة أو اقتلعوا من وطنهم فلن يبقى عربي أمن، فهذا الطاعون الصهيوني أكبر من مساحة فلسطين، ولا بد من وقفه!