عروبة الإخباري –
سقط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر في لحظة وصفت كأنها وقت مستقطع من مجريات الأحداث في المنطقة، رغم أن إشارات كثيرة كانت توحي بأن الأسد ونظامه يلظون أنفساهم الأخيرة،وباتت سوريا اليوم على اعتاب مرحلة انتقالية جديدة لم تتضح ملامحها بعد.
لا يمكن الحديث عن سوريا بمعزل عن الأردن، يقرأ الأردن محيطه الجيوسياسي جيدا، واستطاع أن يتعامل مع المتغيرات على حدوده ويمتلك رصيد من الدبلوماسية تؤهله لبناء سياسات ذكية ومتوازنة تحفظ مصالحه،
وعلى الرغم من كل المحاولات لتقليص وتقزيم دور الأردن في المنطقة واقتصار دوره على المهمات اللوجستية، يثبت الأردن وبقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين أن مفتاح المنطقة بيد الأردن أيضا.
وهو ما يمكن تأكيده فيما يلي:
اولا: انحياز الأردن لخيارات الشعب السوري وحقه في تقرير مصيره الذي عبر عنه جلالة الملك في اجتماع مجلس الأمن القومي الاخير، هو تأكيد على أن الأردن لا يمكن ان يكون الا منحازا لضميره الانساني وواجبه القومي وقائدا لسياسة الاعتدال والحلول السياسية السلمية.
ثانيا: في خطوة استباقية أقام الأردن اجتماعات العقبة حول سوريا، الذي جاء تحت عنوان كبير وهو تطبيق قرار مجلس الامن رقم ٢٢٥٤ في سوريا والذي يضمن وقف الأعمال القتالية وانتقال سلمي للسلطة والحفاظ على الوحدة السياسية والجغرافية للأراضي السورية.
ثالثا: العمق الاستراتيجي التجاري بين عمان ودمشق، والذي تعرض لكثير من التلقبات خلال العقد الأخير، يجري العمل على رد الاعتبار له وهو مصلحة اقتصادية للبلدين، وقد بادر الأردن تدريجيا في اتخاذ خطوات تتعلق بقتح الحدود البرية في انتظار تفاهمات شاملة تتيح استعادة العلاقة الاقتصادية وعلى كافة المستويات.
رابعا: وفي إطار التأكيد على دور الأردن في سوريا، تشكل زيارة الوفد الرفيع الأردني المتمثل بوزير الخارجية ورئيس المخابرات وقائد الجيش الى تركيا، تجسيدا فعليا لأهمية الدور الأردني في سوريا، خاصة فيما يتعلق بجنوب سوريا حدود الأردن الشمالية، والتأكيد على مخرجات اجتماعات العقبة التي قادتها الأردن وبادرت بها واستطاعت حشد موقف اقليمي دولي مؤيد لها.
ما يقوم به الأردن هو الدفاع عن مصالحه الوطنية والقومية، وتثبيت صوت العقل الذي ينادي به دوما جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين وتجنيب المنطقة اشتعال حروب اقليمية ودولية، والتأكيد على أن السياسة الأردنية التي تستند على الوسطية والاعتدال بقيادة الهاشميين هي اللغة الوحيدة لحل الأزمات ومنع اتساع دائرة العنف والتطرف .