عروبة الإخباري –
تظهر الدبلوماسية الأردنية قدراً كبيراً من الفعالية والتفاعل الإيجابي مع النظام السوري الجديد – قيد التشكّل، فوزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني مع وفد من القيادات السورية، سيأتون إلى عمان، في خضم الأسبوع (على الأغلب في يوم غد الثلاثاء)، بينما أعلن مصدر مسؤول أردني أنّ هنالك وفداً أمنياً وعسكرياً أردنيا سيتجه إلى سورية لتوطيد العلاقات بين الدولتين، وفي الأثناء طلب رئيس الوزراء من الوزراء المعنيين بخاصة في مجالات الطاقة والصناعة والتجارة والاستثمار والأشغال والمجالات الاقتصادية الأخرى أن يكونوا جاهزين بتصورات ومقترحات لتطوير العلاقات السورية، تنفيذاً للأمر الملكي بمساعدة الأشقاء السوريين في التعامل مع المرحلة الجديدة.
هذا التحرّك مهم؛ فلا مجال للتردد أو التحفظ، بخاصة أنّ وزراء خارجية دول غربية (ألمانيا وفرنسا) ومسؤولين من دول كبرى جميعهم زار دمشق، وافتتحت أعمال العديد من السفارات هنالك، بينما لدى الأردن قائم بأعمال السفير وهنالك تعزيز للعاملين بالسفارة هناك، ومن الأفضل أن يتم اختيار سفير لديه خبرة وكفاءة سياسية، في القريب العاجل (هنالك إشكالية قانونية وديبلوماسية تتمثّل بعدم وجود رئيس لتقديم أوراق الاعتماد عليه، لكن يمكن تجاوزها بالتنسيق مع السوريين)، ومن الضروري كذلك أن يكون هنالك فريق كبير معه، بما يتناسب مع حجم العلاقات الاستراتيجية المطلوب تطويرها مع الأشقاء السوريين.
لطالما كانت العلاقات الأردنية- السورية في مرحلة شد وجذب تاريخياً، بخاصة منذ حكم حزب البعث الاشتراكي، وأغلب الأوقات اتسمت بالسياسات العدائية السورية تجاه الأردن، بخاصة في مرحلة الحرب الباردة، أمّا اليوم فهنالك فرصة تاريخية وكبيرة لتدشين علاقات أكثر عمقاً وتكاملية، وهو ما يشكّل للأردن أفقاً اقتصادياً وسياسياً لمواجهة التحديات الأخرى والتغيرات في البيئة الإقليمية المحيطة، ما يتطلب بعث رسائل حسن نوايا وإيجابية نحو الفاعلين الجدد هناك، واستثمار السمعة الأردنية الجيدة، وتقديم مساعدات سياسية واقتصادية وفي البنية التحتية، وحتى في بناء القدرات الأمنية والعسكرية السورية، والأهم من هذا وذاك الدور الدبلوماسي الأردني في مساعدة السوريين على الخروج من قائمة العقوبات والبدء بعصر إعادة الإعمار.
الأردن له مصالح استراتيجية كبيرة مع سورية، وما يبدو من النظام الجديد مشجّع ومن الضروري تعزيز هذه التوجهات، ولعلّ الخشية الكبيرة لدى كثير من الدول العربية أن يكون محفّزاً للإسلام السياسي وامتداداً له، بخاصة مع وجود «رعاية تركية» لهذا النظام، لا تخفى عن العيان، وربما يرى دبلوماسيون عرب أنّ هنالك استبدالاً للنفوذ الإيراني بالتركي!
حسناً، قد يكون ذلك صحيحاً، بدرجة ما، لكن تركيا نفسها تعلّمت دروساً من مرحلة الربيع العربي، وكان واضحاً أنّهم لا يريدون تكرار تجربة الإسلاميين في الحكم، ولا الدخول في مواجهات مع دول عربية أخرى، بل هنالك رسائل تركية للدول والأنظمة العربية المتخوفة من الحكم الجديد بأنّه سيكون صديقاً وليس معادياً، والقوة التركية (إذا استثنينا المشكلة الكردية التي تمثل تحدياً حقيقياً لمستوى علاقة الحكومة الجديدة بالأقليات من جهة والأتراك من جهة أخرى) ذات طابع ناعم مختلف عن القوة الإيرانية، التي اعتمدت على الميليشيات وعلى الابعاد الطائفية والأيديولوجية بصورة فجّة، بينما أعلنت القيادة السورية الجديدة أنّها لا تتبنى نظرية «تصدير الثورة» ولا تؤمن بها، ومن الواضح أنّ شمولية زيارة الشيباني لكل من الإمارات وقطر تعد مؤشراً على رغبة النظام الجديد بتجنب حالة الاستقطاب و التجاذبات الإقليمية والتركيز على وحدة سورية وإعادة الإعمار والملفات الاقتصادية!
فلنستمر بالتحرك السريع والمبادرة إلى تقديم المساعدات والمبادرات تجاه الأشقاء السوريين، فسورية مفتاح مهم من مفاتيح الدور الإقليمي الأردني في المرحلة القادمة.
الدستور