عروبة الإخباري –
الحرة –
“ضربوا كيماوي.. كيماوي” هكذا صرخ البعض في ليلة السابع من أبريل عام 2018 في دوما السورية، فهرع الناس في كل اتجاه.
صعد البعض إلى أسطح المنازل بحثا عن نسمة هواء، وآخرون احتموا في الحمامات معتقدين أنها آمنة، “لكن الغاز كان أسرع منا جميعا” وفقا لشهاداتهم.
“من اختبأ خنقه الموت، ومن حاول الهرب، سقط ضحية للذعر أو السم”، بحسب بشير كالا، أحد الناجين من الهجوم.
كان كالا يدلي بشهادته متجولا وسط مبان دوما المدمرة مع مراسل قناة “الحرة” يمان السيد، ويستذكر لحظات الهجوم الذي أدى إلى وقوع عشرات الضحايا، معظمهم من النساء والأطفال.
وبالقرب من دوار الشهداء، علت صرخات اختلطت برائحة الموت، عندما ألقت طائرة تابعة للنظام السوري برميلا متفجرا، يحمل في جوفه غازا قاتلا، أثبتت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لاحقا، أنه غاز الكلور السام.
كانت الأجواء أقرب إلى القيامة، أصوات صراخ الأطفال، وانتشار الأجساد الممددة في الشوارع وبين الأنقاض.
عامر محمد، الذي فقد عائلته في الهجوم، لا يزال يعيش صدمة تلك الليلة.
ظهر في فيديو وهو يحتضن جثة ابنته الصغيرة بين ذراعيه، ويتسائل عن ذنبها: “هل كانت مسلحة؟ هل كانت تُهدد أحدا؟ قتلها النظام بغاز سام”.
يشير محمد إلى الضغوط التي تعرض لها لاحقا.
وقال: “أخذوني للتحقيق. قالوا لي: قل إن الدخان قتلهم، وليس الكيمياوي. كانوا يريدون أن ينكروا الحقيقة حتى ولو كان الدليل بين أيدينا، بين ذراعي، تلك الطفلة التي لا تعرف شيئا سوى اللعب”.
في شهادته، يروي بشير عبد الملك، أحد مسعفي الدفاع المدني، تفاصيل الهجوم قائلا: “وصلنا بلاغ عن ضربة كيماوية، فتحركنا بسيارات الإسعاف لإنقاذ من تبقى”.
وجد عبد الملك ورفاقه الأطفال والنساء يتساقطون كأوراق خريف: “حملنا ما استطعنا، لكن الغاز كان يلاحقنا. نقلنا الجثث وأجساد المصابين إلى نقاط الإسعاف، 36 ضحية في ليلة واحدة”.
يكمل قصته عن التحقيق الذي جرى معهم لاحقا: “بعد دخول النظام، أخذونا للتحقيق، قالوا إننا نمثّل. كيف يُمكن تمثيل كل هذا الألم؟ أخذونا إلى الفروع الأمنية، حققوا معنا، ثم أطلقوا سراحنا بعد أيام من التعذيب النفسي”.
يتسائل عبد الملك بألم: “من يُعيد الأطفال؟ من يعيد تلك الليلة التي لن تُمحى من ذاكرتنا؟”.
أصبحت دوما رمزا للوجع السوري. وبرغم مرور سنوات على الهجوم، ما زال الناجون يحملون آلامهم معهم، وكلما ذكر اسم دوما، تُفتح جروحهم من جديد.