18 ألف سوري عادوا إلى بلدهم منذ سقوط حكم بشار الأسد (8 كانون أول/ ديسمبر 2024)، حسبما أفاد وزير الداخلية مازن الفراية أمس الأول الخميس.
ومن بين هؤلاء «بلغ عدد اللاجئين السوريين المغادرين الأردن المسجلين في الأمم المتحدة 2300 لاجئ من المخيمات وخارجها».
ومن بين أكثر من 1,3 مليون لاجئ سوري تستضيفهم المملكة منذ عام 2011، هناك نحو 639 ألف لاجئ سوري فقط مسجّل في الأردن رسميًا – بحسب الأمم المتحدة.
وضع اللاجئين السوريين في الأردن مختلف تمامًا عن اللاجئين السوريين في لبنان وتركيا، فهنا 10 % فقط من اللاجئين يسكنون المخيمات، والباقون منتشرون في معظم محافظات المملكة. ويبلغ العدد التراكمي لتصاريح العمل الصادرة للاجئين السوريين منذ 2016 وحتى نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي أكثر من 458 ألف – بحسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين -.
لذلك فإن عودة اللاجئين السوريين (الطوعية) في الأردن إلى بلدهم تسير غالبًا وفقًا لثلاث مساقات:
*الأول: المسار «الطوعي الطبيعي»
وقد عاد 18 ألفًا خلال 20 يومًا وفقًا لتصريحات وزير الداخلية كما ذكرت سابقًا. لكن معظم الشواهد تشير إلى أن هذه العودة الطوعية ربما تحتاج إلى وقت يعتمد على عدة أمور منها:
1. ما يجري على الأرض، وخصوصًا عودة الأمن والأمان واستقرار الأوضاع في سوريا، خصوصًا الجنوب السوري، ومعظم اللاجئين السوريين في مخيمات اللجوء من مناطق الجنوب السوري.
2. انتهاء العام الدراسي، فهناك أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين أبناؤهم وبناتهم على مقاعد الدراسة.
3. انتظار العفو العام، والإعفاء من خدمة العلم «التجنيد»، وكثيرون كانوا مطلوبين لخدمة العلم إبّان الحكم السابق.
4. كثيرون فقدوا مساكنهم، إما أنها دُمّرت، وإما أن ساكنين جدد باتوا يقطنونها. وهذه مسألة مهمة تشمل كثيرين وتحتاج إلى حل.
5. عودة الحياة إلى طبيعتها – خصوصًا في مناطق الجنوب – تحتاج إلى وقت من حيث إعادة بناء المدارس والمراكز الصحية وتوفير فرص عمل للعائدين، إضافة إلى توفير السكن.
*الثاني: ما يعرف بـ«المسارات التكميلية»
والتي يتم من خلالها توفير فرص آمنة ومنظمة للاجئين للسفر إلى بلد ثالث. وتشير الأرقام إلى أن أكثر من (8) آلاف لاجئ غادروا الأردن إلى بلد ثالث خلال السنوات الأربع الماضية.
هذا المسار يقوم على «إعادة التوطين»، حيث تُمكّن اللاجئين من الانتقال إلى بلد آخر يوافق على قبولهم بما يضمن لهم الحماية الدولية والإقامة الدائمة، وهي طريقة مهمة لتقاسم المسؤولية وإظهار التضامن مع الحكومات المضيفة كالأردن – وفقًا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن -.
*الثالث: توقع أن يبقى عدد لا بأس به من السوريين في الأردن
خصوصًا رجال الأعمال والمستثمرين ممن حصلوا على الجنسية الأردنية وفقًا لقانون الاستثمار وباتت لهم مصالح هنا. وهؤلاء – رغم قلة عددهم قياسًا بإجمالي حجم السوريين في الأردن – إلا أنهم يلعبون دورًا مهمًا في العديد من القطاعات الاستثمارية، خصوصًا القطاع الصناعي، ويتوقع أن يكون لهم دور أكبر في قادم الأيام.
إضافة إلى أن مئات الآلاف ممن حصلوا على تصاريح عمل بات وضعهم المعيشي أفضل في الأردن، وبات هناك ما يربطهم بهذا البلد بعد مرور نحو 13 عامًا على «الأزمة السورية»، وُلد خلالها جيل جديد من السوريين. حيث تشير الإحصاءات إلى أن نحو (230 ألف طفل سوري وُلدوا في الأردن منذ 2011).
*باختصار:
الأردن تعامل مع الأزمة السورية منذ بدايتها وفقًا للمعايير الأخلاقية وحق الجوار والعلاقات التاريخية بين الأردن وسوريا، وغلّب الجانب الإنساني على كل التبعات الاقتصادية. وهو اليوم يواصل هذا النهج، فلم ينظر إلى الأشقاء السوريين إلاّ أنهم بين أهلهم يعيشون بكل كرامة وترحيب. والأردن اليوم يُسهّل العودة الطوعية لمن يرغب منهم بذلك.
ولكن حتى يعود اللاجئون السوريون في الأردن ولبنان وتركيا، وعددهم يزيد على (6) ملايين لاجئ – بخلاف اللاجئين في أوروبا والعالم – لا بدّ من دور عربي إقليمي وعالمي يساهم بسرعة إعادة الهدوء والأمن والأمان إلى سوريا، وطمأنة اللاجئين بعودة آمنة، وبدء عجلة الإعمار من أجل تأمين حياة آمنة وكريمة للمواطنين السوريين المهجّرين في مختلف دول العالم.
والأردن الذي استضاف عددًا كبيرًا من اللاجئين السوريين على مدى 13 عامًا، قادر على لعب دور مهم بقطاعيه الرسمي والخاص بالمشاركة في إعادة الإعمار، خصوصًا من خلال مشاريع «التعافي المبكر» التي تؤمّن مساكن ومباني تعليمية وصحية «سريعة»، يستطيع القطاع الإنشائي الأردني تنفيذها بسرعة واقتدار من خلال (مباني البريكاست / سابقة الصب / المباني الجاهزة)، وغيرها من التجهيزات والتسهيلات الضرورية لعودة طوعية آمنة للاجئين السوريين.
لعودة «طوعية» للاجئين السوريين.. ما هو «المطلوب»؟* عوني الداوود
2