عروبة الإخباري –
مريم العذراء، من سبط يهوذا، وكما نقولها بعالمنا من عشيرة يهوذا، اصطفاها الله لتكون الاناء الذي من خلالها يأتي مخلص البشر. القصة ابتدات عندما كانت اليصابات حبلى في شهرها السادس بابنها يوحنا المعمدان، حسب الوعد الالهي، في مدينة في الجليل اسمها الناصرة، لبيت فيه عذراء اسمها مريم، مخطوبة من رجل يكبرها بالعمر، واسمه يوسف. دخل إليها الملاك جبرائيل المهوب في خلوتها. وبشرها بالسر العظيم. أما هي فأطاعت، وقالت: ” ليكن لي كقولك”. ومن هنا تعلمنا منكِ يا مريم الطاعة لله وحده بقلب واثق، بفرح، ومن دون شك.
“وَفِي الشَّهْرِ السَّادِسِ أُرْسِلَ جِبْرَائِيلُ الْمَلاَكُ مِنَ اللهِ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ الْجَلِيلِ اسْمُهَا نَاصِرَةُ، إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُل مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ اسْمُهُ يُوسُفُ. وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ. فَدَخَلَ إِلَيْهَا الْمَلاَكُ وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ». فَلَمَّا رَأَتْهُ اضْطَرَبَتْ مِنْ كَلاَمِهِ، وَفَكَّرَتْ: «مَا عَسَى أَنْ تَكُونَ هذِهِ التَّحِيَّةُ!» فَقَالَ لَهَا الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ، لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ. وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. هذَا يَكُونُ عَظِيمًا، وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ” لوقا 1:26-33
لماذا اطاعت؟ لانها تعرف الكلمة منذ صغرها. تربت في بيت يقدس كلمة الله بعلم ومعرفة حقيقة، فهمت النبوات والمواعيد. فبات قلبها نقي، وعقلها منير، ومن عمر صغير تعلمت أن تثق، فأصبح لها قلب واثق بتواضع كبير. وأطاعت.
فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ: «كَيْفَ يَكُونُ هذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلًا؟» فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَها: «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ. وَهُوَذَا أَلِيصَابَاتُ نَسِيبَتُكِ هِيَ أَيْضًا حُبْلَى بِابْنٍ فِي شَيْخُوخَتِهَا، وَهذَا هُوَ الشَّهْرُ السَّادِسُ لِتِلْكَ الْمَدْعُوَّةِ عَاقِرًا، لأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَى اللهِ». فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ. لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ. فَمَضَى مِنْ عِنْدِهَا الْمَلاَكُ.” لوقا 1:34-38
نبحث عن قدوة، ليقف المجتمع على ثوابت كي لا يتزعزع. مريم العذراء تستحق أن تكون قدوة في عالم يبحث عن استقرار، عالم تملؤه مصطلحات برَّاقة تخدم غايات أرضية. دخل الكبرياء القلوب واستهانت البشرية بقدسية الزواج، فكانت النتيجة تفكك الأسرة وفوضى المجتمعات. وأصبح النهار الجديد عبئًا على الغالبية، يبحثون عن طعم السعادة، لكن مع الوقت يتحول البحث هذا إلى رحلة شقاء مستمرة. في تلك الأثناء، تنسج خيوط العنكبوت حول الروح والقلب ببطء، لتمتص الحياة شيئًا فشيئًا.
ونعيش وقتها بجهل كبير، مخدوعين، مكررين مقولة فيها فخ عميق: “لنأكل ونشرب لأننا غدًا نموت”، غير مدركين للحقيقة الأسمى بأنه: “ينبغي أن يُطاع الله أكثر من الناس”.
النِعم هي من الله، والبركات تأتي من لدنه. السعادة الحقيقية تكمن في وجود الله في حياتنا، في معرفته، في محبته، وفي طاعته. ومع بداية السنة الجديدة، الهدف لكل مدرك وفاهم هو تهذيب الروح والقلب والعقل، والسعي نحو طاعة الله بكل إخلاص. وأما “كيف، ومن أين أبدأ؟” فهو طريق مختلف لكل منا.
*صحافية وكاتبة أردنية مختصة في شؤؤن الحوار والسِلم المجتمعي