عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب –
في كلمة جميلة ومختصرة، خاطب الملك عبد الله الثاني، شخصيات وفعاليات عمّانية في الديوان الملكي بمناسبة احتفالات المملكة باليوبيل الفضي.
وقد أشاعت كلمة الملك التي سبقت تكريم مجموعة من الشخصيات والفعاليات، الثقة والراحة في نفوس الكثيرين حين قال “الأردن بخير وبهمتكم سيبقى بخير وأنا على العهد معكم دائماً”.
الكلام الملكي هذه الايام .. على درجة كبيرة من الأهمية، وهو يبعث الثقة في نفوس الأردنيين وينتظرونه ليطمئنهم على احوال وطنهم ومستقبله وسط موجات متجددة من المتغيرات في المنطقة على حدود الأردن وفي التاثير عليه.
لقاء الملك مع العمانيين امتداد للقاءاته في المحافظات الأردنية العزيزة وثمرة البرامج الذي صممه الديوان الملكي ونفذه وبدأ يعطي ثماره بإقراره والحديث عنه.
كنت تلقيت دعوة من مستشارية العشائر الأردنية وجهها لي معالي المستشار كنيعان البلوي، باسم التشريفات الملكية.
فقد ظل التواصل مع الشعب عنواناً لا بد من صيانته باستمرار والحفاظ عليه لتبقى الصلة قائمة ما بين الشعب وقيادته، وقد حرص الهاشميون على ذلك تاريخياً منذ الشريف الحسين بن علي، ولقائه الأول بهم في العقبة وقد بايعوه وعبر امتداد الممالك الهاشمية، من عبد الله الأول في معان التي وصلها عام 1921، وعمان التي وصلها في (2 اذار … عام 1921) وطوال عهده وكذلك عبر مملكة الحسين الباني الذي اهتم اهتماماً كبيراً بالتواصل مع الأردنيين الذين مشوا معه والى جانبه وخلفه كتفاً الى كتف، وبادلهم حباً بحب، حتى كان الإنجاز الكبير الذي تولاه الملك عبد الله الثاني قبل (25) سنة، وقد احتفلنا أمس باليوبيل الفضي في الديوان الملكي حيث وجهت الدعوات لمجموعة كبيرة من الأردنيين يمثلون مختلف الشرائح والفعاليات، وربما زاد عددهم عن خمسمائة من السيدات والسادة.وقد جرى تكريم بعضهم ممن تميزوا في مجالاتهم
لقد أعادة الدعوة الكريمة تأهيلي للكتابة في هذا الموضوع، واستطيع أن أقول أن اللقاءت الجديدة التي يقوم بها جلالة الملك في جولاته والتي بدأ رئيس الوزراء الجديد الدكتور جعفو حسان، يقلده في اسلوبه ومضمونها في لقاءات مختلفة عما سبق في السنوات الماضية من لقاءات روتينية.
الجديد في اللقاءات دعوة وحوه جديدة وغير تقليدية او من قوائم جاهزة يجري اجترارها في كل المناسبات ومن الجديد . أسلوب الاجتماع للمواطنين ووصول شكواهم وقد لا تكون الحلقات اكتملت الان لكن هذه اللقاءات فيما أزعم أنها مختلفة وتأتي تحت عنوان التواصل، حيث يبرع الديوان الملكي في ذلك ويسد ثغرات ويقيم صلات وتجدد له المهمات.. في اعادة بناء الثقة مع المواطنيين.حيث قصرت الحكومات المتعاقبة التي سبب بعض ادائها سلبيات اصابت الثقة
أن تقليدية أساليب الحكم العربي تختلف عن أساليب الحكم في الغرب،فهي تقوم على التواصل المباشر والحقيقي، منذ معاوية الذي انتزع الخلافة بالحوار مع كل القبائل العربية في بلاد الشام بعد انقسام بين القيسية واليمنية .. وتنازع على السلطة.وشرعيتها
لقد توافق الهاشميون. على سياسة التواصل وأساليب الاحتواء وحلّ الأزمات والتسامح والعفو وقدموا نماذج في ذلك يمكن الاطلاع عليها في جريدة القبلة، التي أصدرها الشريف الحسين في مكة، وكان من بياناتها الأولى مخاطبة المسيحيين العرب وتأكيد مشاركتهم الفاعلة وبذر البذورالعربية الأولى لترسيخ مفهوم القومية العربية والاعتداد بها.
لا تستطيع الاضطرابات ولا حتى رياح التغيير أن تقتلع الجذور والأوتاد الراسخة حين يكون الحوار الجاد وسيلة والرضى والعدل أساس الحكم، وحين نجد النموذج الهاشمي الذي لا يمارس العنف أو القسوة أو التهميش أو النفي والمطاردة والسجون التي لا أبواب لها بل ظلت القيادة الهاشمية ملجأ الأردنيين وحتى من احتموا بالحمى الأردني.
ولذا فإن المقولة الملكية عن رسوخ الجذور الأردنية وعدم اهتزازها، هي مقولة صحيحة، لأنها كانت تحتكم الى الأردنيين وخياراتهم ورضاهم.
عمّان أمس كانت زاهية ومزهوة وهي تحتفل باليوبيل الفضي لحكم لم يعرف التعسف ولا معتقلات الفناء القاسية ، بل ظلت صدراً دافئاً حنوناً تضم كل ابنائها وبتسامح وسعة صدر حتى على من انحرف او اخطأ أو ضل السبيل، وهناك نماذج لا حاجة لاعادة ذكرها.
كان امس الملك عبد الله وولي عهده الأمين الأمير الحسين، يلتقيان الأردنيين وسط بهجة وراحة وأمل وتفاؤل وتطلع للمستقبل ولغد أفضل واستحضار لتجارب أردنية ظل الأردن فيها يتخطى العقبات والمحن والتحديات، وحيث واجه الكثير منها حين مشى على الحبل ونجح في عبور أشد العقبات بالرهان على شعبه وحكمة قيادته.
عمّان التي أحببناها ما زالت تنبض بالحب لابنائها، عاصمة أبية وما زالت تنبض بحب أمتها وتساهم ما استطاعت ليبقى لهذه الأمة ذكر ومكانة.
أمام الحشد الكبير في الديوان الملكي وقبل اللقاء مع جلالة الملك، كان المستشار لشؤون العشائر والذي قدم نفسه باسم موظف في الديوان الملكي، تواضعاً ومحبة قد رحب بالحاضريين في كلمة قصيرة مرتجلة ومؤثرة استمعت اليها وأنا فخور حين ذكر معالي المستشار البلوي عمان في عنوان كتابي “عمان… عبق الماضي ووهج المستقبل” إنها بنيت من عرق وكفاح الأردنيين على إمتداد الوطن في ظل قيادة تعتز بالانجاز وتكرسه وتسوس بالعدل ما استطاعت.
عمّان ذات القرون الثمانية التي سبقت الميلاد ما زالت تسري فينا جميعاً، فنحن ورثة نشوئها وهي اليوم في أزهى صورها خلال المئوية الاولى التي انتهت وجاءت.. المئوية الثانية ومع مرور اليوبيل الآن لتكون عمان نجمة ساطعة في سماء الأردن، مدينة عالمية مليئة بالحب والعرفان ومعتزة بالكرامة، التي مازال شعبنا يوكدها ويكرّسها ويتمسك بها ويكرم من يمضون على نهجها اما الذين كرسوا انفسهم للصلح بين الناس فقد استمدوا ذلك من قيادة ما زالت تقوم بذلك على المستوى الوطني والعربي
الملك من عمان “عبق الماضي ووهج المستقبل”
24
المقالة السابقة