عروبة الإخباري –
مع تصاعد التوترات في المنطقة، جاءت أنباء سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد إلى روسيا لتثير زوبعة من التساؤلات حول مستقبل سوريا وتأثير هذا الحدث على دول الجوار، هذا الحدث المفاجئ يمكن أن يشكّل نقطة تحول للبنان، البلد الذي طالما تأثر بالأوضاع في سوريا.
لبنان وسوريا: علاقة معقدة عبر التاريخ
منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011، عانى لبنان من تداعيات مباشرة وكبيرة، بدءًا من أزمة اللاجئين السوريين التي أثقلت كاهل الاقتصاد اللبناني، وصولًا إلى التدخلات السياسية والعسكرية التي غذّت الانقسامات الداخلية. ومع مغادرة الأسد، يبدو أن المشهد الإقليمي بات مفتوحًا على تغييرات قد تصبّ في مصلحة لبنان إذا أُديرت بشكل صحيح.
فرص لبنان لتعزيز قوته
فرار الأسد من المشهد السياسي السوري يحمل معه تغييرات محتملة في ميزان القوى في المنطقة، وهو ما يمكن للبنان استثماره لتعزيز موقعه السياسي والاقتصادي والأمني.
تخفيف النفوذ السوري في الشؤون اللبنانية:
ضعف النظام السوري يعني تقليص تأثيره التاريخي على الداخل اللبناني، مما يمنح بيروت فرصة للتركيز على ترتيب أولوياتها الوطنية بعيدًا عن الضغوط الخارجية.
استقرار داخلي أكبر:
يمكن أن يؤدي غياب النظام السوري عن المشهد إلى تهدئة الصراعات الداخلية في لبنان، خاصةً بين الأطراف التي تأثرت ولاءاتها بالموقف من الأسد.
حل تدريجي لأزمة اللاجئين:
ومع احتمال ظهور حل سياسي للأزمة السورية، يمكن أن تُتاح فرصة لإعادة عدد كبير من اللاجئين السوريين إلى بلادهم، وهو ما سيسهم في تخفيف الضغط الاقتصادي والاجتماعي على لبنان.
تعزيز العلاقات الإقليمية والدولية:
قد يرى المجتمع الدولي في هذه التطورات فرصة لدعم استقرار لبنان كدولة محورية في المنطقة. يمكن للبنان تعزيز علاقاته مع دول الخليج والدول الغربية التي قد تسعى لتقليل نفوذ الأطراف الإقليمية الداعمة للأسد.
التحديات التي تواجه لبنان
رغم هذه الفرص، تبقى التحديات قائمة. فقد يسعى حلفاء النظام السوري، مثل إيران وحزب الله، إلى ملء الفراغ الذي قد يخلّفه غياب الأسد عن المشهد، مما قد يؤدي إلى توترات جديدة داخل لبنان. كما أن غياب الأسد لا يعني بالضرورة نهاية الأزمة السورية، مما قد يستمر في إلقاء ظلاله على لبنان.
رؤية لمستقبل لبنان
لبنان أمام فرصة نادرة لإعادة بناء نفسه وسط التغيرات الإقليمية. إذا تمكن قادته من استثمار هذه اللحظة بحكمة، فقد يصبح البلد أكثر استقرارًا وقوة. المطلوب الآن هو التركيز على وحدة الصف الداخلي، وتنفيذ إصلاحات اقتصادية وسياسية عميقة، وتعزيز مؤسساته.
فرار بشار الأسد إلى روسيا قد لا يكون نهاية المطاف للأزمة السورية، لكنه بالتأكيد يفتح فصلًا جديدًا يمكن للبنان أن يلعب فيه دورًا مختلفًا وأكثر استقلالية. المفتاح يكمن في قدرة اللبنانيين على اغتنام هذه اللحظة وتحويل التحديات إلى فرص حقيقية للنهوض.