أكثر سؤالين تمَّ طرحهما منذ سقوط نظام الأسد فجر يوم أمس ولا زالا يتردّدان على ألسنة الكثيرين، وستبقى الإجابات عليهما تتراوح بين تحليلات ودراسات ومحاضرات وورش عمل ستستمر إلى ما شاء الله.. هما:
1 – كيف انهار نظام عمره نحو 54 عامًا، خلال أقل من 10 أيام وبعد صموده لنحو 14 عامًا من الحرب الأهلية؟
2 – سوريا إلى أين بعد الإطاحة بنظام الأسد؟
لكن السؤال الأهمّ بالنسبة لنا، والذي قد تشمل الإجابة عليه إجابات على السؤالين السابقين.. هو: ما هي «انعكاسات ما جرى في سوريا على الأردن سلبًا وإيجابًا»؟ والإجابة على هذا السؤال ألخصها بالنقاط التالية:
أولًا – تأثيرات إيجابية:
1 – نحن الأكثر قربًا والتصاقًا بسوريا تاريخًا وحضارة وثقافة واقتصادًا.. إلخ -على الأقل بحكم «الجيرة»- لذلك فإنَّ ما يفرح الشعب السوري يفرحنا، ولهذا فقد أكّد جلالة الملك عبدالله الثاني خلال ترؤسه يوم أمس اجتماعًا لمجلس الأمن القومي أنَّ الأردن يقف إلى جانب الأشقاء السوريين ويحترم إرادتهم وخياراتهم.
2 – استقرار سوريا وأمنها مصلحة أردنية بامتياز، ولطالما عمل الأردن على ذلك عبر التاريخ، وبالأخص منذ اندلاع الحرب الأهلية في سوريا قبل نحو 14 عامًا، فكان الأردن دائمًا مع سوريا ووحدة أراضيها وحماية مواطنيها ومنجزات شعبها.
3 – لذلك فإنَّ عودة الهدوء والاستقرار إلى سوريا الشقيقة، وتوافق السوريين على من يحكمهم ويعيد لهم حقوقهم وحريتهم والتعبير عن إرادتهم، مهمٌّ للأردن تمامًا.
4 – الأردن أكثر دولة دعمت سوريا، واحتضنت مواطنيها، فاستضافت منذ نحو 14 عامًا أكثر من مليون و300 ألف لاجئ سوري، قاسمهم الأردنيون لقمة العيش والوظائف والخدمات، ولم تفرض على أحد منهم عودة قسرية بل كانت ولا زالت تقدّم واجب الأخوّة والمحبّة، رغم تقاعس المجتمع الدولي عن الوفاء بالتزاماته تجاه الدول المستضيفة للاجئين، حتى أنَّ نسبة الاستجابة لم تتجاوز الـ(6.8 %) من احتياجات خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية خلال العام 2024، وقد شكّل اللجوء السوري عبئًا اقتصاديًا ضاغطًا على البنية التحتية وخدمات الصحة والتعليم، وعلى الموازنة بمزيد من العجز وارتفاع المديونية.. لكنَّ الأردن قدّم -كعادته مع جميع الأشقاء- الأولويات الإنسانية والأخلاقية على كل التداعيات الاقتصادية والاجتماعية.
لذلك فإنَّ عودة الأمن والأمان إلى سوريا في أسرع وقت ممكن، سيشجّع اللاجئين السوريين على سرعة العودة الطوعية بعد إزالة المعوقات، ومنها متطلبات: «الأمن والأمان، والعفو العام، والبدء بمشاريع إعادة البناء والإعمار».. وعودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم سيخفّف بالتأكيد عبئًا كبيرًا من الضغوط على الاقتصاد الأردني.
5 – إعادة بناء الدولة في سوريا وإعادة السيطرة على حدودها، وخصوصًا الجنوبية (حدودنا الشمالية) ستعجّل بالقضاء على عصابات الحشيش والمخدرات والأسلحة على حدودنا الشمالية.
6 – سوريا عمق اقتصادي وتجاري للأردن، وقبل الحرب الأهلية، وتحديدًا في العام 2010، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين الأردن وسوريا (615 مليون دولار).. ليتراجع سنة تلو الأخرى ليبلغ عام 2021 نحو (56 مليون دولار فقط).
7 – الأردن عانى طوال السنوات الماضية من أخطار الإرهاب والإرهابيين، وفي مقدمتهم داعش في الأراضي السورية، ودفع الأردن ثمنًا باهظًا بدماء أبنائه الزكية وفي مقدمتهم الشهيد البطل معاذ الكساسبة، لذلك فالأردن اليوم معنيٌّ أكثر من غيره بعودة الأمن والاستقرار إلى الجارة سوريا.
8 – إلغاء «قانون قيصر» الذي أغلق كثيرًا أبواب التبادل التجاري وعطّل مشاريع إقليمية كبرى في مقدمتها «الربط الكهربائي» من مصر فالأردن مرورًا بسوريا وصولًا إلى لبنان، وفي ذلك منفعة اقتصادية للأردن وسوريا، وبالتأكيد لبنان.
ثانيًا – تأثيرات سلبية:
1 – إذا لم يتحقّق ما هو مذكور أعلاه، فإنَّ الأمور ستنعكس سلبًا على الأردن، وتزيد من التحديات السياسية والعسكرية والاقتصادية.
2 – إذا ذهبت الأمور نحو الفوضى -لا قدّر الله- وتنفيذ مخططات تقسيم سوريا وفقًا لأي نموذج إقليمي، فانعكاسات ذلك على الأردن خطيرة وستزيد من الأعباء فوق التي يتحمّلها حاليًا.
*باختصار:
الأردن في مقدّمة المستفيدين (سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا.. تجاريًا وسياحيًا.. واجتماعيًا) إذا كان الأمن والأمان والاستقرار والتنمية عنوانًا «لسوريا الجديدة».. وعكس ذلك -لا قدّر الله- إذا دخل القطر الشقيق في دوّامة العنف والإرهاب وتصفية الحسابات.
انعكاسات ما جرى في سوريا على الأردن* عوني الداوود
5