عروبة الإخباري – اشرف محمد حسن
مقولة شعبية من تراثنا وهي “اللي ما شاف من الغربال.. اعمى” والغربال هو أَداةٌ تشبه الدُّفَّ ذات ثقوب كثيرة، يُنَقَّي بها الحَبُّ من الشوائب، فيأتي المعنى بالمثل: إذا لم تكن تسطع أن ترى من الغربال فأنت أعمى. والمقصود به: “لا يمكنك أن تصر على صحة وجهة نظرك في شيء وكل الدلائل تؤكد عكس ما تقول وقد غنت فرقة العاشقين الوطنية الفلسطينية اغنية عام 1982 م عقب انسحاب قوات منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان اشهد يا عالم علينا وع بيروت اشهد للحرب الشعبية ، وإللي ما شاف من الغربال يا بيروت أعمى بعيون أمريكية ، وكأن مؤلف هذه الاغنية قد اختصر الكثير من العبارات والحقائق التاريخية والمواقف السياسية اذ ان من يسير في ركب الولايات المتحدة الامريكية والصهيونية هو اعمى وان كان يرى او سيصبح مسلوب الإرادة لا يستطيع ان يحرك ساكناً بدون أوامر من الصهاينة .
فقد رأت الولايات المتحدة الخميس الماضي بعيونها الامريكية أنه “لا أساس” لاعتبار لجنة خاصة تابعة للأمم المتحدة أن ممارسات “إسرائيل” في حربها على قطاع غزة “تتسق مع خصائص الإبادة الجماعية” وتعليقاً على تقرير صدر عن منظمة هيومن رايتس ووتش والذي جاء فيه ان السلطات “الإسرائيلية” تسببت في عمليات نزوح قسري واسعة النطاق ومتعمدة للمدنيين الفلسطينيين في غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهي مسؤولة عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وانه لا يوجد سبب عسكري قهري معقول لتبرير تهجير “إسرائيل” الجماعي لتقريبا جميع سكان غزة، وغالبا لمرات متعددة. بدلا من ضمان أمن المدنيين كسلطة احتلال، وتسببت “أوامر الإخلاء” العسكرية بأذى جسيم قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل للصحفيين “هذا أمر نختلف معه بشكل لا لبس فيه”، مضيفا “نعتقد أن صياغات كهذه واتهامات كهذه لا أساس لها بالتأكيد” وندد باتيل بتقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش المدافعة عن حقوق الإنسان نشرته مؤخراً وأكدت فيه أنها جمعت أدلة على أن المسؤولين الإسرائيليين يرتكبون “جريمة حرب” تتمثل في “التهجير القسري”، مضيفة أن “تصرفات إسرائيل تبدو وكأنها تتفق مع تعريف “التطهير العرقي” .
وشدد باتيل في أكاذيب جديدة مفضوحة على أن التهجير القسري سيكون “خطا أحمر” بالنسبة إلى الولايات المتحدة ولا يتوافق مع المعايير التي حددها وزير الخارجية انتوني بلينكن لدى بدء الحرب واعتبر المتحدث أنه من المقبول “الطلب من المدنيين إخلاء منطقة بعينها أثناء قيامهم (الإسرائيليون) ببعض العمليات العسكرية، وبالتالي السماح لهم بالعودة إلى منازلهم”، مشددا على أن الولايات المتحدة “لم ترَ أي نوع من هذا النزوح القسري” .
واذكر هنا بان الرئيس الأمريكي جو بايدن كان يلقي كلمة في الهواء الطلق بملعب رياضي في قرية لافين بولاية أريزونا، وكان يتحدث عما وقع للسكان الأصليين من الهنود الحمر من إبادة جماعية قائلا “هذا من أهم الأمور التي أتيحت لي فرصة القيام بها في حياتي المهنية بأكملها.. إنها خطيئة عالقة بأرواحنا.. أعتذر رسميا” والحضور كانوا بضع مئات من الأشخاص، كثيرون منهم يرتدون الزي القبائلي التقليدي لشعب أمريكا الأصلي من الهنود الحمر. حيث هلّلوا حين اعتذر بايدن عن الصدمة التي واجهتها أجيال من جماعات من الهنود الحمر بسبب المدارس الداخلية في أنحاء البلاد واعمال التمييز العنصري حيث صاح ناشط مؤيد مؤيد لقضية الشعب الفلسطيني في وجهه الذي كان يخطب معتذرا عن دور السلطة في إدارة مدارس داخلية أساءت إلى الأميركيين الأصليين (الهنود الحمر) طوال أكثر من 150 عاما قائلاً” كيف تعتذر عن إبادة جماعية بينما ترتكب إبادة جماعية في فلسطين” الامر الذي جعل بايدن يحاول تجاوز الموقف، وأجاب قائلا “كثيرون من الأبرياء يُقتلون ولا بد من وقف هذا” ولم بنكر آنذاك ان ما يحدث في فلسطين بشكل عام وفي غزة بشكل خاص هي جرائم إبادة جماعية .
يذكر أن المتحدثة باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) لويز ووتريدج قالت لوكالة الصحافة الفرنسية إن العملية العسكرية في شمال قطاع غزة أجبرت ما لا يقل عن 100 ألف شخص على النزوح من أقصى الشمال إلى مدينة غزة والمناطق المحيطة بها ووفقا للأمم المتحدة، نزح 1.9 مليون شخص من أصل 2.2 مليون نسمة منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي وكانت لجنة خاصة تابعة للأمم المتحدة تحقق في الممارسات الإسرائيلية قد وجهت انتقادات إلى الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة في قطاع غزة، وتحدثت عن ارتكاب جيش الاحتلال إبادة جماعية وجريمة حرب وتطهيرا عرقيا، وأشارت إلى أن “سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين وظروفا تهدد حياة الفلسطينيين فرضت عمدا” .
وقد استندت نتائج تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش -حسب الباحثة في المنظمة نادية هاردمان- إلى مقابلات مع نازحين من غزة وصور الأقمار الصناعية والتقارير العامة التي قدمت حتى أغسطس/آب/2024 م .
وقد أظهرت مؤخراً مشاهد بثتها قناة الجزيرة تعرُّض سيارة إسعاف قرب مستشفى كمال عدوان بمشروع بيت لاهيا شمالي قطاع غزة لإطلاق نار كثيف ومباشر يوم الجمعة 6/12/2024 خلال عملية اقتحام قام بها جيش الاحتلال مجددا لمستشفى كمال عدوان، وأجبرت المرضى والجرحى على مغادرته، واستشهد على اثرها اكثر من 30 فلسطينيا وإصابة العشرات، إثر قصف نفذته طائرات الاحتلال على منازل المواطنين بمحيط المستشفى وفي مشهد اخر جريحاً ملقى على الأرض وقناصة الاحتلال يستهدفون كل من يقترب منه لإسعافه مما اضطر المواطنين لسحبه في محاولة لإنقاذ حياته وقد تم تناقل هذا المشهد في بث حي ومباشر عبر مواقع التواصل بالإضافة الى غيره الكثير من عمليات القتل والعمليات الاجرامية في بث حي ومباشر شوهدت في شتى انحاء العلم لكن الإدارة الامريكية لم تشاهده فلا ادري هل هي فقط العيون الامريكية لا ترى.. ام هو العمى ام “استهبال”.. فهم من لا امان ولا عهد لهم..!
لا عهد لهم.. اللي ما شاف من الغربال..!
47