عروبة الإخباري –
لقد أفلح رئيس الوزراء الأردني، الدكتور جعفر حسان، في ردّه المقتضب الذي أظهر فيه قدرة استثنائية على التوازن بين الحزم والرصانة، حيث لم يقحم نفسه في الرد الجدلي أو السجالات السياسية غير المثمرة. هذا الأسلوب الحكيم يعكس فهماً عميقاً لدور الحكومة في التحديث السياسي بعيدا عن الانفعال، مع التركيز على العمل الجاد والفعلي في خدمة مصلحة الوطن.
في هذه الفترة التي تتسم بالتحديات السياسية والاجتماعية العميقة، أظهر حسان، قوة القيادة الحقيقية التي تميز الحزب السياسي الوحيد القوي تحت القبة، وهو الحزب الذي تمكن من الحفاظ على استقراره وتوجيه دفته في ظل الظروف المعقدة. للأسف، بدأ العديد من النواب في تحولهم إلى ما يشبه نواب الألوية بدلاً من نواب للمحافظات، مما أضعف الخطاب السياسي الوطني للأحزاب الأردنية الجديدة، الذي بدأ يختفي في خضم التحديات.
و في خضم هذا الواقع، يظل العقل الحكيم والواقعي هو من يقود السفينة. على الرغم من الانتهاء من ملف الثقة في الحكومة، فإن التحديات التي تواجهها البلاد تظل جسيمة، لا سيما في الشمال حيث قد تنشأ أزمات جديدة تتطلب استعداداً أمنياً مكثفاً لمواجهتها. في هذا السياق، يظهر من خلال قيادته مدى الجدية والوعي السياسي الذي يحتاجه الأردن في المرحلة القادمة.
من ناحية أخرى، مهم أيضاً التأكيد على أن المواقع القيادية والسيادية في الدولة يجب أن تكون خاضعة لمعايير رفيعة لاختيار الأشخاص الذين يتولون هذه المناصب، فقوة الشخصية، وسعة الثقافة والفكر الوطني، والقدرة على التواصل مع جميع فئات المجتمع، والنزاهة هي صفات أساسية في بناء دولة عصرية وقوية، سيما وإن امتلاك هذه الصفات هو ما يميز رجل الدولة الذي يدرك مصلحة الدولة العليا دون الحاجة إلى توجيه خارجي.
الرئيس حسان، من خلال مسيرته، يثبت أنه من القلة القادرة على تطبيق هذه المعايير السياسية التي تقود البلاد نحو مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً. إن قدرته على التفاعل مع المتغيرات السياسية والاقتصادية، ورؤيته الاستراتيجية، تضعه في موقع القيادة السياسية التي تأخذ بعين الاعتبار مصلحة الوطن والشعب الأردني في كل قرار تتخذه.