عروبة الإخباري -كتب : اشرف محمد حسن –
بعد الإعلان عن فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تداعت دول عديدة الى تعديل مواقفها حول العديد من القضايا الدولية فقد شدد الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل على وجوب استعداد أوروبا وتعزيز سياستها الدفاعية لمواجهة الحقائق الجيوسياسية التي قد تتغير بعد انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأميركية، جاء ذلك خلال جلسة عامة للبرلمان الأوروبي عقدت في بروكسل الأربعاء الماضي، حول تأثير نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية على العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وخلال حديثه نيابة عن مفوضية الاتحاد الأوروبي، أفاد بوريل أن التغيير في الولايات المتحدة سيؤثر على الديناميكيات العالمية، وأن هذا الوضع سيؤدي إلى تغييرات كبيرة في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وأكد أنه ورغم الرسائل التي وجهها ترامب خلال الحملة الانتخابية والتي يمكن أن تضع الاقتصادات والعلاقات عبر الأطلسي في موقف صعب، فإنه قد يتبع سياسة مختلفة عندما يتولى منصبه، وأشار إلى أنه لذلك لا ينبغي التكهن حول المستقبل وأضاف، لا أستطيع التكهن بالخطوات التي سيتخذها الرئيس ترامب، كل ما يمكننا قوله هو أنه يجب علينا أن نكون مستعدين لما قد يحدث، وأن نبقى هادئين ويقظين، يجب ألا نعطي الانطباع بأننا مشلولون مشيراً إلى الزيادة البطيئة في الإنفاق الدفاعي في أوروبا منذ ولاية ترامب الأولى (2017 – 2021)، منوها إلى أن “إعادة انتخاب ترامب يجب أن تكون أمرا يوضح أننا بحاجة إلى تعزيز أمننا وأخذ مصيرنا بأيدينا” وشدد على أن هذه ليست نهاية العالم، بل بداية عالم مختلف، كما دعى الاتحاد الأوروبي إلى الاستعداد والتكيف مع الحقائق الجيوسياسية الجديدة كما أشار الى أن أوروبا يجب أن تفي بوعودها من خلال مواصلة دعمها لأوكرانيا، وإذا لزم الأمر استخدام الدخل من الأصول الروسية المجمدة لصالح أوكرانيا وأوضح أن الاتحاد الأوروبي لا ينبغي أن يظل اتحادا اقتصاديا يعتمد فقط على حلف شمال الأطلسي للدفاع عنه، بل يجب عليه بدلا من ذلك تعزيز بوصلته الإستراتيجية، والاضطلاع بدور عسكري مكمل لحلف شمال الأطلسي، والتأكد من قدرة أوروبا على حماية مصالحها الأمنية بشكل مستقل .
فعلى الصعيد الاقتصادي وخلال فترته الرئاسية السابقة فرضت إدارته الضريبة آنذاك في مارس/آذار 2018 م وذلك للتصدي للعرض الزائد من معدني الفولاذ والالمونيوم الوارد من الدول الأوروبية ، ولكن على الرغم من ما قيل حول أنها كانت موجهة إلى الصين في المقام الأول إلى أنها فُرضت على حلفاء الولايات المتحدة أيضا وأعفت واشنطن كندا والمكسيك من الضريبة، بينما تواصلت المفاوضات آنذاك لتحديث اتفاق التجارة في أمريكا الشمالية، ووافقت كوريا الجنوبية على حصص للصادرات بدلا من الضرائب وقد تعهد الاتحاد الأوروبي في ذلك الوقت بالرد على الضرائب الأمريكية بفرض ضرائب على الواردات الأمريكية، ومن بينها سلع واسعة الانتشار مثل الدراجات النارية من طراز هارلي ديفيدسون وسراويل الجينز والويسكي وخلال شهر أكتوبر 2019 فرضت إدارة ترامب التعريفة الجمركية على بعض السلع الأوروبية، وتحديدا على صناعة المشروبات الكحولية، وأبرزها النبيذ الفرنسي والويسكي بالإضافة إلى الأجبان الإيطالية، في الثامن عشر من أكتوبر الجاري، وفقا لما ذكرته صحيفة الغارديان البريطانية الامر الذي انعكس سلباً على اقتصاد اغلب الدول الأوروبية وهذا ما يثير الكثير من المخاوف لدى الدول الأوروبية مما سيزيد الأعباء على اقتصاداتها .
اما على الصعيد العسكري ففي خطوة مفاجئة فكانت قد قررت إدارة ترامب السابقة في 2 آب/2020 م سحب 12 الف جندي امريكي من المانيا في إطار ما وصفته “بإعادة انتشار استراتيجي لقواتها في أوروبا”، وهذا التواجد الأميركي الذي ينظمّه اتفاق دفاع بين الدولتين منذ منتصف القرن الماضي، يشمل مؤسسات لها أبعاد عسكرية واقتصادية حيث أثار قرار الرئيس الأميركي ترامب آنذاك معارضة واسعة النطاق داخل الكونغرس، خاصة من قبل أولئك الذين يرون فيه تشجيعاً لروسيا، كما عبّر المسؤولون في ألمانيا عن قلقهم من هذه الخطوة وقد جاء ذلك بعد الاتفاق الذي وقعته واشنطن مع “طالبان” في الدوحة شباط/2020 م حيث وصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب قرار واشنطن إرسال قوات إلى الشرق الأوسط، والتدخل في النزاعات المندلعة في تلك المنطقة بأنه “الخطأ الأكبر في تاريخ البلاد” وفي مقابلة له مع موقع “أكسيوس” قال ترامب إن الولايات المتحدة ستخفض عدد قواتها في أفغانستان قريباً ليصل حجمها هناك إلى 4 آلاف عسكري لكن ترامب لم يحدد متى بالضبط ستُخفض القوة العسكرية، كما رفض وضع إطار زمني محدد لها، وفي وقت لاحق من ذات العام أعلن ترامب أن واشنطن ستسحب جميع جنودها من أفغانستان “عندما يكون ذلك معقولاً” .
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اعلن عن رغبته في إنهاء الحرب مع روسيا في 2025 “بالوسائل الدبلوماسية”، معربا عن أمله في مساعدة الإدارة الأميركية الجديدة، بقيادة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، للتسريع بذلك، في وقت تعكف فيه مصانع روسية على إنتاج أسلحة فتاكة جديدة لمهاجمة أوكرانيا وقال زيلينسكي لإذاعة أوكرانيا “من جانبنا، يجب أن نبذل قصارى جهدنا لضمان انتهاء هذه الحرب العام المقبل. علينا أن ننهيها بالوسائل الدبلوماسية. وأعتقد أن هذا مهم جدا” وأضاف أنه يتوقع أن تساعد الإدارة الأميركية الجديدة، بقيادة دونالد ترامب، في إنهاء الحرب ـ التي التي تقترب من يومها الألف ـ بسرعة، دون أن يقدم تفاصيل وقال زيلينسكي “من المؤكد أن الحرب ستنتهي بشكل أسرع مع سياسات الفريق الذي سيدير البيت الأبيض.. هذا هو نهجهم، ووعدهم لمجتمعهم”، مضيفا “الحرب ستنتهي، لكننا لا نعرف متى بالضبط” وأكد أنه أجرى “تفاعلا بناء” مع دونالد ترامب خلال محادثتهما الهاتفية بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية، لافتا إلى أن ترامب “سمع الأسس التي تعتمد عليها كييف”، فيما لم يسمع أي شيء يتعارض مع موقف كييف
اما اليوم فقد أكدت مصادر أميركية حصول أوكرانيا على ضوء أخضر من واشنطن لاستخدام الصواريخ الأميركية لاستهداف العمق الروسي، ورحب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالقرار، في حين حذر نواب روس كبار من حرب عالمية ثالثة بسبب القرار الأميركي وتحدثت مصادر أميركية لوسائل إعلام مختلفة مؤكدة اتخاذ الرئيس الأميركي جو بايدن قرار السماح لأوكرانيا باستخدام الصواريخ بعيدة المدى لاستهداف العمق الروسي، وهو ما يشكل تغييرا إستراتيجيا كبيرا قبل أسابيع من تنصيب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة وينتقد ترامب بشدة المساعدات الأميركية لأوكرانيا، وتخشى كييف من أن يقوم الرئيس المستقبلي بقطع التمويل الضروري لجهودها الحربية أو محاولة إجبار أوكرانيا على إبرام اتفاق مع روسيا ومنذ فوز ترامب، يقول مسؤولون كبار في إدارة بايدن إنهم سيستغلون الوقت المتبقي في فترته الرئاسية لضمان قدرة أوكرانيا على القتال بفعالية العام المقبل أو التفاوض على السلام مع روسيا من “موقع قوة” حسب مزاعمهم .
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد قال في سبتمبر/أيلول الماضي إن الغرب سيكون في مواجهة مباشرة مع روسيا إذا سمح لأوكرانيا بضرب الأراضي الروسية بصواريخ بعيدة المدى غربية الصنع، وهي الخطوة التي قال إنها ستغير طبيعة الصراع ونطاقه وأضاف أن روسيا ستضطر إلى اتخاذ ما سماها “قرارات مناسبة” بناء على أي تهديدات وقد أقر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من خلال توقيعه مرسوماً جديداً، العقيدة النووية المحدثة للبلاد. وتفيد الوثيقة بأن أي هجوم تقليدي تقوم به أي دولة على روسيا بدعم من قوة نووية سيعتبر هجوما مشتركا كما أن أي اعتداء على روسيا من قبل دولة عضو في تحالف يعتبر عدواناً من قبل التحالف بأكمله وحسب التعديلات الجديدة على العقيدة النووية الروسية هذا ما يعني أن موسكو لن تلجأ “للحل النووي” فقط عند التعرض لهجوم نووي، بل بإمكانها الآن استخدام الأسلحة النووية للرد على ضربات تعتبرها روسيا “وجودية” حيث أن تعديلا قد جرى قبل نحو 4 أعوام على هذه العقيدة، يسمح لروسيا باستخدام السلاح النووي للردع، بمعنى المبادرة بضربة نووية “استباقية” من دون التعرض لهجوم كما تنص العقيدة الحالية بعد تعديلها، أن بإمكان روسيا توجيه ضربة نووية إذا حصلت على معلومات مؤكدة وموثوقة عن نية جهة ما إطلاق صواريخ تجاهها وتسمح بتوجيه ضربات نووية ردا على تعرضها، أو أحد حلفائها، لهجوم بأي نوع من أسلحة الدمار الشامل (النووية أو الكيماوية أو البيولوجية) او هجوم بأسلحة تقليدية يهدد وجود الدولة، أو تعرض مواقع حساسة روسية لهجوم ما ، وهذا ما قد يجعل الدول الاوروبية في مواجهة مباشرة مع روسيا .
الدول الأوروبية بشكل عام كانت قد سيقت كالخراف وراء مرياها (الولايات المتحدة) باتجاه ليس فقط دعم دعم أوكرانيا ضد روسيا بشكل كامل ومباشر على الرغم من تحملها الكثير من الخسائر المالية ابتداءً من خسارتها للغاز الروسي وما ترتب عليه من كلف واعباء إضافية على اقتصاداتها الى غير ذلك من خسارات والتي كانت بغنى عنها ومخالفة لمصالحها لكنها جاءت بهدف استرضاء أمريكا بل ذهبت ايضاً الى دعمها عسكرياَ بشتى السبل بايعاز من الإدارة الامريكية المنتهية ولايتها بعد ان تكون قد اججت الصراع بعد ان نجحت أمريكيا بابتزازهذه الدول وتوريطها فيه والتي باتت تخشى الان من ان تتوقف أمريكا عن تقديم الدعم لاوكرانيا وتصبح هي الدولة التي ترعي المصالحة ووقف الحرب بينما تجد نفسها في صراع مباشر ضد روسيا فهم من لا امان.. ولا عهد لهم.
لا عهد لهم.. أمريكا تورط الدول الأوروبية
29
المقالة السابقة