Table of Contents
بعد عام كامل من التجهيزات اشتغل خلاله فريق عمل متكامل في أكاديمية لوياك للفنون الأدائية «LAPA»، انطلقت أمس الأول، فعاليات مهرجان الكويت للمسرح الثنائي (الديودراما) بدورته الأولى، فوق خشبة مسرح الشامية، تحت رعاية الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب د. محمد الجسّار، وناب عنه حضوراً الأمين العام المساعد لقطاع الفنون مساعد الزامل، إلى جانب حضور مدير المهرجان د. خليفة الهاجري ونخبة من المثقفين والأدباء والفنانين، وجمهور مُحب وعاشق للمسرح الأكاديمي.
دقيقة صمت
وامتاز حفل الافتتاح بعمق مضمونه والسرعة في سير فقراته، حيث انطلق بعزف النشيد الوطني الكويتي، بعدها أطلت عريفة الليلة الإعلامية إسراء جوهر مرحبة بالحضور، ثم دعتهم إلى الوقوف دقيقة صمت على أرواح شهداء الأمة، ضحايا العدوان الصهيوني من أطفال ونساء ورجال، أبناء الشعبين الفلسطيني واللبناني.
بعدها، عرّفت جوهر الحضور بهوية المهرجان وكيفية انطلاقته واختيار عروضه من لجنة فنية متخصصة مؤلفة من د. ابتسام الحمادي والكاتبة فتحية الحداد والمخرج والممثل سعود بوعيد، مستعرضة في ذات السياق العروض المسرحية المتنافسة، وهي بواقع 4 مسرحيات داخل المنافسة من الكويت والسعودية والأردن، وعرض واحد خارجها وهو عرض الافتتاح، ويحمل عنوان «أصل وصورة».
السقاف: نعزز رسالة المسرح ومساهمته في إيقاظ وتحفيز الوعي الجمعي بالقضايا الإنسانية العادلة
وأشارت إلى أن «أصل وصورة» من إنتاج مؤسسة لوياك للفنون الأدائية، ومن تأليف فارعة السقاف، وإخراج الفنان د. خالد أمين، ومع انتهائها عُرضت بانوراما تصويرية عن أنشطة أكاديمية «LAPA»، إضافة إلى رحلة التجهيز لهذا المهرجان خلال عام كامل.
القضية الفلسطينية
بعد ذلك، اعتلت خشبة المسرح رئيسة المهرجان والمؤسسة والرئيسة التنفيذية لمؤسسة لوياك وأكاديمية «LAPA» فارعة السقاف، حيث قالت: «في نوفمبر الماضي، عندما بدأنا نخطو أولى خطواتنا العملية تجاه تحقيق حلم قديم كان يراودنا، سألت نفسي وأنا في طريقي لمقابلة المسؤولين في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، إن كان هذا هو الوقت الملائم لمثل هذا المهرجان، وغزة العزة تنزف وتباد كل يوم بوحشية لم يشهد لها مثيل في تاريخنا المعاصر».
السقاف: نهدف إلى إنشاء منصة مسرحية للشباب العربي تسمح لهم بمزيد من الفرص لتطوير مهاراتهم
وأكدت: «كنت قد أخذت عهداً على نفسي ألا أتبنى أي حدث فني ما لم تكن القضية الفلسطينية حاضرة فيه»، وتابعت: «وجدت أن قلبي وعقلي يجمعان بأن أي حدث ثقافي أو فني يحضر فيه الضمير الجمعي وتكون فيه بوصلة الأخلاق والقيم الإنسانية واضحة وفارضة نفسها على الحدث سيكون الحدث حتماً لمصلحة القضية الإنسانية الوطنية الأولى وهي قضية فلسطين».
وأكملت: «لكن، ربما علينا أن نعيد تسميتها لتصبح قضية الثقافة والهوية العربية التي باتت مستهدفة بوضوح في الإبادة والمحو ليس في فلسطين فحسب، وإنما في كل شبر من الوطن العربي تحت غطاء العولمة والحداثة، ولقد اتضح هذا الاستهداف الصهيوني في قصف وإبادة كل المعالم التاريخية والثقافية في غزة ولبنان».
تطهير عرقي
واستطردت السقاف: «إن كل عضو في أسرة أكاديمية لوياك للفنون الادائية (لابا) يدرك أهمية المحافظة على التراث المحلي والعربي، كما يدرك أهمية التعاون والشراكات في المشاريع الثقافية مع الشعوب الأخرى بما يثري ثقافتنا المحلية ويعزز حضورها ولا يمس أصالتها».
وأضافت: «كما أننا جميعاً في لابا تحركنا مشاعر الحزن والغضب لما يتعرض له الشعبان الفلسطيني واللبناني من إبادة وتدمير وتطهير عرقي من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، لذلك منذ نوفمبر الماضي تبنت الأكاديمية شعاراً لمعظم أنشطتها، وهو (لتحيا شجرة الزيتون)، لنؤكد في كل فعالية ثقافية نقيمها على حق الشعب الفلسطيني في المقاومة والحفاظ على أرضه».
وذكرت السقاف: «ثم قفز إلى ذهني سؤال مستحق آخر، وهو سؤال تكرر كل عام منذ أعوام بعيدة حين بدأ الحلم وهو: هل نحن جاهزون لمثل هذا الحدث الثقافي المهم الذي يتطلب سلسلة طويلة من التحضيرات والعمل الدؤوب والقدرة على مواجهة التحديات وحلها، أضف إلى ذلك المقدرة المادية والبشرية؟. وكانت الإجابة نعم نحن مستعدون لكل التحديات، ولن يثنينا عن خوض التجربة شيء».
وأكدت: «لم تأت قناعتي من فراغ أو من غرور، بل من تجارب وتراكم معرفي بقدراتنا كفريق عمل في لابا ولوياك، فقد نجحنا في الماضي لأننا جميعاً كأفراد أسرة حملنا بداخلنا أرواحاً حالمة طموحة مغامرة تصر على التحدي والمثابرة والابتكار، وهكذا انطلقنا نحضر للحدث واضعين نصب أعيننا أهداف المهرجان بأن نساهم في إثراء المشهد الثقافي، وأن نخلق منصة مسرحية متجددة للشباب العربي تسمح لهم بمزيد من الفرص لتطوير مهاراتهم ولتشبيك العلاقات وتبادل الخبرات، ثم نعزز رسالة المسرح ومساهمته في إيقاظ وتحفيز الوعي الجمعي بالقضايا الإنسانية العادلة لتكون القضية الفلسطينية حاضرة في العرض الأردني (أعراس آمنة)».
مشروع ثقافي فني
وختمت السقاف بالقول: «إنها مجرد بداية، إننا نستقبل معاً ولادة مشروع ثقافي فني هام نحلم بأن يكبر ويتطور من أجل أبو الفنون، من أجل المسرح، من أجل جسور الثقافة، من أجل القيمة الفنية والجمالية والأخلاقية، من أجل الإنسان، من أجل البناء الحضاري للكويت، من أجل قضايانا العربية والإنسانية. معكم وبحضوركم وبتشجيعكم سنتمكن من رعايته حتى يكبر ويصبح ملتقى المسرحيين العرب والعالميين، وقد يحمل لنا جميعا فرصاً استثنائية لأعمال مشتركة طموحة».
تعزيز الثقافة وبناء الإنسان
على هامش الحفل، صرح مدير المهرجان د. خليفة الهاجري: «أخذت مؤسسة لوياك للفنون الأدائية العهد على نفسها بتعزيز الدور الثقافي للكويت، والاهتمام ببناء الإنسان، عبر إقامة الفعاليات الثقافية التي تهتم بالفنون بشكل عام، لاسيما المسرح، كنوع من أنواع الفنون التعبيرية المهمة».
وتابع الهاجري: «نحن اليوم أمام مهرجان الكويت للمسرح الثنائي بدورته الأولى، الذي يجمع عدداً من الأعمال المسرحية النوعية على أرض الكويت، إضافة إلى أعمال مسرحية محلية كويتية تتنافس على جوائز المهرجان، وندعو الجمهور الكويتي إلى حضور الأعمال المسرحية المشاركة، فهي فرصة رائعة للتعرف على المسرح الثنائي الذي يهتم بعنصر التمثيل وإبداعاته».
«أصل وصورة»
في ختام فقرات حفل الافتتاح، عُرضت مسرحية «أصل وصورة»، من إنتاج شركة سردنا للإنتاج الفني، بالتعاون مع أكاديمية لابا للفنون، ومن بطولة الممثل العماني محمد الرقادي والممثل الكويتي مصعب السالم، حيث دارت القصة التي حملت في مضمونها فكرة جميلة وصراعاً حقيقياً حول كاتب وروائي مع ابنه.
الأب الذي وهب حياته كاملة لعمله الأدبي والثقافي، منغمساً طوال الوقت في عمله، مما جعله مهملا لجانب مهم في حياته الأسرية وهو بيته وأبناؤه، الأمر الذي جعله يعاني عندما كبر في العمر، إذ وجد نفسه غريباً عن أبنائه، كأنهم لا يعرفونه ولم يعيشوا طفولتهم ومرحلة شبابهم إلى جانبه.
أداء تمثيلي رائع قام به الرقادي والسالم طوال 50 دقيقة، فأوصلا عمق الرسالة التي صاغتها السقاف، والتي ترجمها أمين ناسور بأسلوب إخراجي تميّز بالاحترافية فوق خشبة المسرح، فاستحق التصفيق الحار من الحضور.
تكريم لجنتي المشاهدة والتحكيم
خلال الحفل، كرم ممثل راعي المهرجان مساعد الزامل، وفارعة السقاف أعضاء لجنة المشاهدة، إلى جانب أعضاء لجنة التحكيم، وهم: المخرج المغربي أمين ناسور والدكتورة السينوغرافية ابتسام الحمادي والدكتورة والناقدة المسرحية سعداء الدعاس.