في خطوة جريئة وطموحة، أعلنت غوغل عن إطلاق مبادرة فرصة الذكاء الاصطناعي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA)، والمبادرة تعتبر وفق محللين أكبر مشروع للذكاء الاصطناعي في المنطقة حتى الآن. فهي ليست مجرد برنامج تدريبي آخر، بل رؤية شاملة تهدف إلى تمكين أكثر من نصف مليون فرد بمهارات الذكاء الاصطناعي الأساسية، وذلك خلال أول عامين من إطلاقها. ولكن، ما الذي يجعل هذه المبادرة مميزة؟ ولماذا يجب أن نهتم بها؟
أحد أبرز جوانب المبادرة التزام غوغل بتوفير مهارات الذكاء الاصطناعي الأساسية للجميع، بما في ذلك الفئات المحرومة أو المستبعدة مثل النساء والشباب والمهاجرين وسكان المناطق الريفية. في عالم يتزايد فيه الاعتماد على التكنولوجيا، يصبح من الضروري أن تكون لدى الجميع الفرصة لتعلم واستخدام هذه التقنيات. من خلال برامج بناء المهارات، تسعى غوغل إلى خلق فرص تعليمية شاملة تضمن أن يكون التعليم مشوقا وملائما لاحتياجات الطلاب.
وكانت غوغل قد استثمرت منذ عام 2005، أكثر من 400 مليون دولار في الأبحاث الأكاديمية عالميا، في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهي تعمل بشكل خاص على دعم تطوير حلول الذكاء الاصطناعي المفيدة من قبل الجامعات والشركات الناشئة المحلية. هذا الاستثمار في الأبحاث ليس فقط لتعزيز الابتكار، بل أيضا لحل المشكلات الحقيقية التي تواجه المجتمعات، مثل الرعاية الصحية وتغير المناخ والتعليم.
والتزمت غوغل دوت أورغ، الذراع الخيرية لغوغل، بمبلغ إجمالي قدره 15 مليون دولار حتى عام 2027 لتمويل المنظمات في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لضمان وصول الفرص التي يخلقها الذكاء الاصطناعي للجميع. وتأتي هذه المبادرة في وقت مناسب، حيث تشير الأبحاث الحديثة إلى الحاجة إلى تسريع محو الأمية في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الرقمية لمساعدة المزيد من الناس على أن يصبحوا قادرين على المنافسة.
وفقا لمجلة الإيكونوميست إمباكت، فإن التأثير الاقتصادي المحتمل للذكاء الاصطناعي على النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سيصل إلى حوالي 320 مليار دولار بحلول عام 2030. تعمل غوغل على ضمان حصول الأشخاص والمجتمعات في جميع أنحاء المنطقة على المهارات اللازمة لالتقاط الجانب الإيجابي لهذه التكنولوجيا الناشئة، وفق تصريح لروث بورات، رئيسة وكبيرة مسؤولي الاستثمار في ألفابيت وغوغل.
ستعتمد المبادرة على التزام غوغل طويل الأمد تجاه المنطقة، حيث دربت ثلاثة ملايين شخص على المهارات الرقمية الأساسية منذ عام 2018. وستشمل المبادرة بناء المهارات في الذكاء الاصطناعي، والبحث، والمنتجات، والبنية التحتية.
وكررت غوغل التزامها بتوفير فرص تعليم وتدريب شاملة للجميع للتعلم والنمو والمساهمة في اقتصاد أفضل. لذلك، تعلن عن برامج ومناهج تعليمية جديدة تغطي مهارات الذكاء الاصطناعي والسلامة. وسيقوم منهج جديد للتدريب على الذكاء الاصطناعي باللغة العربية في إطار برنامج المهارات الرقمية من غوغل “مهارات من غوغل” وكورسيرا بتزويد الأشخاص بمهارات الذكاء الاصطناعي مثل الهندسة السريعة.
يشمل ذلك مبادرات تعليمية موجهة للمجتمعات المحرومة، مع التركيز على النساء والشباب والمهاجرين وسكان المناطق الريفية. وقدمت غوغل صندوق أبحاث الذكاء الاصطناعي لدعم المشاريع في مجالات الرعاية الصحية وتغير المناخ والتعليم. بالإضافة إلى ذلك، ستركز منحة لـ startAD على تطوير حلول الذكاء الاصطناعي لتحسين الوصول إلى الرعاية الصحية في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية.
وتم إطلاق Gemini باللغة العربية، ويدعم الآن أكثر من 16 لهجة، مع ميزات جديدة مصممة للمساعدة الشخصية المخصصة، وتجارب مناسبة للمراهقين، وإنشاء الصور باستخدام الأوامر باللغة العربية. وتقوم غوغل أيضا بتوسيع بنيتها التحتية السحابية في المملكة العربية السعودية وقطر والكويت بالشراكة مع كيانات محلية مثل صندوق الاستثمارات العامة (PIF).
وحضر الحدث، AI Connect، الذي عقد في متحف الاتحاد، عمر سلطان العلماء، وزير الدولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد، بالإضافة إلى مئات الأشخاص الذين يمثلون الحكومة وقادة الأعمال والمطورين ورواد الأعمال. وأبرزت الرئيسة التنفيذية لفيلج كابيتال ألي بيرنز التزام المبادرة بالمجتمعات المحرومة، مع التركيز على تدريب الذكاء الاصطناعي والإرشاد للمنظمات المحلية.
وأشار الرئيس التنفيذي لمؤسسة راسبيري بي.آي فيليب كوليغان إلى شراكتهم الجديدة مع Amideast، بهدف تمكين المعلمين في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية لتعليم الطلاب حول الذكاء الاصطناعي. وأكد مساعد مدير برامج الابتكار في ستارت إي.دي رامي الجندي على المهمة المشتركة لاستخدام الذكاء الاصطناعي لدفع التقدم في مجالات الرعاية الصحية والاستدامة والتمكين الاقتصادي.
ووفق خبراء شاركوا في الحدث، مبادرة فرصة الذكاء الاصطناعي من غوغل ليست مجرد مشروع تقني، بل هي رؤية شاملة تهدف إلى تمكين الأفراد وتعزيز القدرات وتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية. من خلال توفير التعليم الشامل، ودعم الأبحاث، وتحسين البنية التحتية، تسعى غوغل إلى خلق فرص جديدة وتحقيق نمو اقتصادي مستدام في المنطقة. في عالم يتزايد فيه الاعتماد على التكنولوجيا، تصبح مثل هذه المبادرات ضرورية لضمان أن تكون للجميع الفرصة للمشاركة في هذا المستقبل.