شهدنا مؤخراً تعديلاً وزارياً محدوداً شمل تعيين طارق سليمان الرومي وزيراً للنفط وسيد جلال الطبطبائي وزيراً للتربية، في خطوة تعكس توجه القيادة الكويتية نحو تحديث الأداء الحكومي وتعزيز الإصلاحات في القطاعات الحيوية. يأتي هذا التعديل في وقتٍ تواجه فيه البلاد تحديات اقتصادية وخدمية، حيث تسعى الحكومة بقيادة أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح إلى النهوض بمستوى الإدارة العامة وتقديم حلول عملية لأزمات الطاقة وتطوير التعليم، بما يتماشى مع رؤية شاملة للتنمية المستدامة وتحقيق رفاه المواطنين.
فقد صدر في الكويت المرسوم الأميري بتعيين طارق سليمان الرومي وزيراً للنفط، وسيد جلال الطبطبائي وزيراً للتربية، في تعديل وزاري محدود يعكس رؤية القيادة الكويتية لتعزيز وتطوير المجالات الاقتصادية والتعليمية الحيوية. هذا التعديل هو جزء من توجّه الحكومة لتعزيز الأداء الحكومي وتخطي التحديات الراهنة في قطاعات الطاقة والتعليم، وفقاً لما أعلنته وكالة الأنباء الكويتية “كونا”.
ويأتي تعيين طارق سليمان الرومي في وقت حساس يشهد تغييرات متسارعة في أسواق الطاقة العالمية، بالتزامن مع استقالة عماد العتيقي من منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير النفط في سبتمبر، ترك منصب وزير النفط لفترة مؤقتة مع تكليف وزيرة المالية نورة الفصام بتولي الوزارة بالوكالة. قد لا يكون لتغيير الوزراء عادةً تأثير مباشر على السياسة النفطية للكويت باعتبار أن المجلس الأعلى للبترول هو من يتولى رسم السياسات العامة، إلا أن التعيين الجديد للرومي، الذي يمتلك خبرات واسعة في قطاع النقل النفطي بحكم رئاسته لمجلس إدارة شركة ناقلات النفط الكويتية، يعكس حرص الحكومة على استدامة الأداء البترولي ومواجهة التحديات السوقية بتجديد الدماء والكوادر ذات الخبرة الفنية والإدارية.
التعديل الوزاري يعيد إلى الأذهان أزمة الكهرباء التي شهدتها البلاد في الشهور الأخيرة نتيجة انقطاع الغاز المستخدم في توليد الكهرباء، وهو ما أثار استياءً عاماً حول القدرة على إدارة الموارد وتحقيق الكفاءة في قطاع الطاقة. ورغم تصريح المسؤولين أن الانقطاعات لن تتكرر، فقد أظهر هذا الحادث تحديات الإدارة المتعلقة بالبنية التحتية، وعزز التطلعات نحو استخدام أمثل للموارد المالية في البلاد. ويعتقد المراقبون أن الأزمة الأخيرة قد دفعت الحكومة لتعزيز دور القيادات الكفؤة في قطاع النفط للحد من التبعات المحتملة لمثل هذه الأزمات مستقبلاً، خاصة أن الكويت تعدّ من بين أغنى الدول النفطية بفضل صندوقها السيادي الذي تتجاوز أصوله 900 مليار دولار.
أما تعيين سيد جلال الطبطبائي وزيراً للتربية، فينبع من توجّه القيادة نحو تطوير قطاع التعليم في الكويت من خلال قيادات ذات خبرة واسعة في المجال. وتولى الطبطبائي عدة مناصب هامة في التعليم التطبيقي والتدريب، وبرز في تطوير القطاعات المرتبطة بالطاقة. يُتوقع أن يسهم الطبطبائي في معالجة التحديات التي يعاني منها قطاع التعليم، مثل تراجع مستوى التعليم العام والفني وعدم ملاءمته بالكامل لاحتياجات سوق العمل. ويعد هذا التوجه جزءاً من استراتيجية الدولة للنهوض بقطاع التعليم كعنصر أساسي في إعداد القوى العاملة الوطنية لدعم التنمية الاقتصادية.
يأتي هذا التعديل الوزاري في إطار خطة إصلاحية أوسع تقودها الكويت تحت توجيهات أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح. وقد تم تعليق أعمال مجلس الأمة مؤقتاً للتخفيف من حدة الاشتباك بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، والذي كان سبباً رئيسياً في عرقلة جهود الإصلاحات المتواصلة. وسبق أن أعلن الأمير في خطاباته عن عدم الرضا إزاء التعاون السلبي بين السلطتين والذي أدى، وفق تعبيره، إلى الإضرار بمصالح البلاد، وأشار إلى الحاجة الملحة لتغيير المسار وتقديم الصالح العام على المصالح الشخصية.
إن هذا التعديل الحكومي المحدود يؤكد التزام الحكومة بالعمل على رفع كفاءة الإدارة الحكومية وتقديم حلول فعالة للتحديات الاقتصادية والخدمية، خاصة في ظل تطلعات المواطنين لتحسين ظروفهم المعيشية. ويشكل هذا التوجه خطوة أولى ضمن سلسلة من التحسينات المنتظرة التي يمكن أن تطال مختلف قطاعات الدولة لتحقيق الاستدامة الاقتصادية وتوفير بيئة تعليمية أفضل للأجيال المقبلة.
لا شك بأن التعديل الوزاري في حقيبتي النفط والتربية إشارة واضحة لالتزام الكويت بإجراء إصلاحات شاملة تتناسب مع التحديات المحلية والعالمية. ورغم أن التغيير الوزاري قد يكون محدوداً، إلا أنه يحمل رسالة ضمنية بأهمية مواكبة التطورات وإجراء التغييرات اللازمة في القطاعات الأساسية التي ترتكز عليها الدولة، مع تعزيز الكفاءة ومكافحة الفساد وإدارة الموارد بكفاءة لتحقيق نهضة شاملة ومستدامة.
الأداء الحكومي تحت المجهر* الإعلامية ليلى القحطاني
17