عروبة الإخباري كتب اشرف محمد حسن
نجح الصهاينة في استدرار تعاطف العالم معهم وعلى مدار عقود حيث لعب الحزن والبكاء دورا هائلا في رواية التاريخ اليهودي الرسمي، منتهيا لتأسيس الكيان الصهيوني باعتبارها نهاية “تاريخ الدموع والدماء اليهودي” وبداية عصر التحرر بالنسبة لما اصطلح عليه بـ”الشتات اليهودي البائس” حول العالم واستطاعوا ابتزاز المجتمع الدولي بالروايات المتباكية لعقود طويلة الى ان رأى العالم حقيقة الصهاينة الاجرامية خاصة عقب انطلاق معركة طوفان الأقصى يوم 7/أكتوبر/تشرين الأول 2023م وما ظهر من حقيقة الصهاينة من مجازر إبادة جماعية تقترف بحق أبناء الشعب الفلسطيني من أطفال ونساء ومدنيين في قطاع غزة والضفة الغربية لاكثر من عام امام سمع وبصر المجتمع الدولي في صورة مغايرة لما كانت تروجه أدوات الاعلام الصهيوامريكية .
وبعد ادانات دولية عديدة للكيان الصهيوني عقب موافقة الكنيست الصهيوني، الاثنين، على مشروع قانون يحظر على وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) العمل في داخل الأراضي المحتلة، على الرغم من اعتراض أميركا والأمم المتحدة حيث أقر النواب الصهاينة المشروع بأغلبية 92 صوتا مقابل 10 أصوات معارضة، جاء ذلك بعد سنوات من الانتقادات الصهيونية الحادة للأونروا، والتي زادت منذ بدء العدوان على غزة حيث قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن مشروع القانون الصهيوني يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة والتزامات الكيان بموجب القانون الدولي وفي إطار إجراءاته ضد “الأونروا”، صادقت لجنة الخارجية والأمن بالكنيست في 13 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، على مشروع قانون لحظر عمل هذه الوكالة الأممية، وهو ما مهد الطريق لإحالته إلى التصويت بالقراءة الثانية والثالثة في الهيئة العامة للكنيست ليصبح قانونا نافذا ووفق مشروع القانون، سيتم إلغاء اتفاقية عام 1967 التي سمحت لـ”الأونروا” بالعمل في داخل الأراضي التي يحتلها الكيان، وبالتالي ستتوقف أنشطة الوكالة في البلاد والأراضي الفلسطينية المحتلة، وسيتم حظر أي اتصال بين المسؤولين الصهاينة وموظفيها وقد أسفر الحظر عن تدهور العلاقة أكثر بين الكيان الصهيوني والأمم المتحدة بعد عام شهد تبادل الإهانات والاتهامات والهجمات بين الطرفين إلى حد التشكيك في إمكان إبقاء تل أبيب عضوا في الهيئة الدولية لكن هذه الانتقادات والادانات تبقى مجرد كلام فقط ..!
فقد طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في شهر سبتمبر، إنهاء الاحتلال الصهيوني اصلاً للأراضي الفلسطينية خلال “12 شهرا” ووقف بناء المستوطنات الجديدة وإعادة الأراضي والأملاك التي تمت مصادرتها والسماح بعودة اللاجئين الفلسطينيين ودعت إلى فرض عقوبات على الكيان الصهيوني، في قرار غير ملزم نددت وزارة الخارجية الصهيونية بالقرار حيث كتب المتحدث باسم الوزارة أورين مارمورستاين على منصة إكس تعليقا على القرار غير الملزم أن “المسرح السياسي الذي يسمى الجمعية العامة تبنى اليوم قرارا منحازا منفصلا عن الواقع، يشجع الإرهاب ويضر بفرص السلام (…) تلك ما هي عليه السياسة الدولية المشينة” حسب وصفه .
وكان سفير الكيان الصهيوني في الأمم المتحدة جلعاد أردان سابقاً بعد أن تبنّت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا يدعم طلب فلسطين الحصول على عضوية كاملة بالأمم المتحدة بأغلبية 143 صوتًا، قد قام أمام الجميع بتمزيق ميثاق المنظمة الأممية في خطوة لتحدي العالم آنذاك وقد نشر السفير كلمته على يوتيوب، في حين أثار تصرفه ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي خلال اجتماع المنظمة الأممية بطريقة لا تتصل بالدبلوماسية من أي جانب بل تتفق تماماً مع المصطلح الشعبي الأردني الزعرنة والمعروفة عربياً ب (البلطجة) فهل يعد تصرفه المهين للمجتمع الدولي بمثابة اعلان انسحاب الكيان من الأمم المتحدة ؟!؟.
وكان الكيان الصهيوني قد ضرب بعرض الحائط سابقاً قرارات مجلس الامن 242 في عام 1967 م وقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2728 أو قرار مجلس الأمن لوقف إطلاق النار في حرب غزة 2024 هو قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة صدر يوم الإثنين 25 مارس 2024، يعتمد أو يدعو لوقف إطلاق نار فوري خلال شهر رمضان يؤدي لوقف دائم ومستدام لإطلاق النار في الحرب على غزة كما تجاهل الكيان الصهيوني كافة قرارات المحكمة الجنائية الدولية ففي 26 كانون ثاني 2024، أصدرت محكمة العدل الدولية قرارًا بشأن التدابير المؤقتة في القضية التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بخصوص تطبيق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية و وطالبت المحكمة من إسرائيل اتخاذ ستة تدابير مؤقتة وهي الامتناع عن ارتكاب أي أعمال تندرج تحت اتفاقية الإبادة الجماعية ومنع التحريض المباشر والعلني على الإبادة الجماعية والمعاقبة عليه واتخاذ تدابير فورية وفعالة لضمان توفير المساعدة الإنسانية للمدنيين في غزة و ضمان سلامة وأمن الفلسطينيين في قطاع غزة والتعاون مع المحكمة في إجراءاتها الا ان الكيان الصهيوني لم يلتزم ولم ينفذ أي من هذه القرارات بل ذهب يصعد من جرائمه في تحدٍ واضح للمجتمع الدولي .
وقد قالت المقررة الأممية لحقوق الإنسان بالأراضي الفلسطينية فرانشيسكا البانيز إن الكيان الصهيوني يرتكب ابادة جماعية مروعة في غزة ويذبّح الفلسطينيين يوميا في ظل دعم مطلق من دول غربية وأوضحت ألبانيز في مقابلة مع الجزيرة أن “الإبادة الجماعية جريمة كبرى يجب أن تشعرنا بالصدمة، فخلال الأشهر الماضية كررتُ خلال مئات المقابلات أن الإبادة التي يمارسها الكيان الصهيوني أمر مروع وفظيع ولا أفهم كيف يستمر ذلك إلى غاية الآن”
وتساءلت المسؤولة الأممية “ما الذي يتطلبه الأمر لإيقاف هذا الجحيم؟”، قبل أن تؤكد أن ما يحدث في غزة أكد نهاية النظام العالمي الذي بني بعد الحرب العالمية الثانية وأضافت “النظام العالمي يظهر وجهه الحقيقي كمجموعة استعمارية من دول غربية تستمر بدعم إسرائيل وتزعم أن الأمر دفاع عن النفس، والأمر ليس كذلك. إسرائيل تقوم الآن بذبح الفلسطينيين، ما يُرى هو أطفالٌ بغزة يُقتلون في الشارع، وأناس يُحرقون في الخيام” وختمت ألبانيز حديثها بالتأكيد أن ما يحدث في غزة “إبادة جماعية بهدف السيطرة على الأرض، وهذا ما يقوله الصهاينة أنفسهم” كما اكدت الخبيرة الأممية المستقلة “إن الإبادة الجماعية في غزة مأساة معلنة قد يتسع نطاقها لتشمل فلسطينيين آخرين تحت الحكم الإسرائيلي. وإن المضي قدما في تحقيق الهدف المتمثل في ’إسرائيل الكبرى‘ يهدد بمحو السكان الفلسطينيين الأصليين .
وبمنتهى الوقاحة كتب السفير الصهيوني لدى الأمم المتحدة داني دانون على منصة إكس “مرة أخرى، تمد الأمم المتحدة السجادة الحمراء لواحدة من أكثر الشخصيات معاداة للسامية في التاريخ الحديث، وتمنحها منصة لنشر الدعاية والأكاذيب التي لا أساس لها”. وأضاف مخاطبا ألبانيزي مباشرة “إن وجودك في الأمم المتحدة عار وخيانة لكل المعايير الأخلاقية. استقيلي على الفور. اتركي أوراق اعتمادك عند الباب وانضمي إلى أصدقائك في حماس وحزب الله، حيث تنتمين”
وفي وقت سابق ذهب الكيان الصهيوني أبعد من ذلك ليعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش “شخصا غير مرغوب فيه”، مما يعني منعه من دخول الأراضي المحتلة لعدم إدانته رد إيران عليه بداية هذا الشهر بعد خطاب أدلى به رئيس الوزراء النتن ياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي عندما وصف الهيئة الدولية بأنها “مستنقع لمعاداة السامية” كما ندد نتنياهو أيضا بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإشارته إلى أن الكيان الصهيوني مدين في وجوده إلى قرار من الأمم المتحدة وبالتالي عليه إظهار المزيد من الاحترام لقراراتها .
وفي خطوة باتجاه تهديد وابتزاز الأمم المتحدة فقد أعلن 30 مشرعا أميركيا من الحزب الجمهوري تقديم مشروع قانون من شأنه قطع التمويل الأميركي للأمم المتحدة وذلك في حال اتخذت إجراءات لتغيير عضوية إسرائيل في المنظمة الأممية وقال راعيا المشروع وهما السيناتور جيم ريش العضو البارز بلجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، والسيناتور كيفن كرامر عضو لجنة القوات المسلحة إنهما سيقدمان مشروع قانون “الوقوف مع الكيان الصهيوني” للكونغرس بمجرد إعادة انعقاد مجلسي الشيوخ والنواب في غضون أسابيع قليلة .
ويحظر هذا التشريع المقترح تمويل الولايات المتحدة للأمم المتحدة ووكالاتها التي تطرد أو تخفض أو تعلق أو تقيد مشاركة الكيان وعضويته بأي شكل من الأشكال وقال السيناتور كرامر إنه “لا ينبغي أن تتلقى الأمم المتحدة ومؤسساتها سنتا واحدا من دافعي الضرائب الأميركيين إذا تحركت لمعاقبة الكيان الصهيوني لمجرد دفاعه عن وجوده” حسب وصفه بينما قال السيناتور ريش “إن أي محاولة لتغيير وضع الكيان الصهيوني بالأمم المتحدة هي محاولة “معادية للسامية” بشكل واضح، وإذا سمحت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة للسلطة الفلسطينية بخفض وضع الكيان في المنظمة، فيجب على الولايات المتحدة التوقف عن دعمها” .
ويأتي هذا التحرّك بعد اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة في مايو/أيار الماضي قراراً يقضي بترقية فلسطين إلى دولة “مراقبة دائمة” مما يسمح لها بالمشاركة في جميع الإجراءات الأممية، ويزيد من قدرة السلطة الفلسطينية على التأثير على مكانة وعضوية الكيان الصهيوني في هذه المنظمة الدولية حتى مع استهزاء الكيان الصهيوني بالأمم المتحدة وكافة منظماتها فهم لم يعودوا بحاجة اليها بالرغم دورها سابقاً في انشاء الكيان الصهيوني الا ان الكيان اصبح الان يصور نفسه غولاً لا احد يستطيع مقارعته فبات الكيان الصهيوني هو من يشكل العالم كمن يمتلكه بحسب مصالحه حتى بما في ذلك الدول الكبرى في هذا العالم فهم من لا امان.. ولا عهد لهم.. !