عروبة الإخباري –
الدستور –
تعالت كثير من الأصوات الإسرائيلية في الآونة الأخيرة تلك التي تطالب بتفكيك وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين او بما يُعرف بوكالة الاونروا، هذه المطالبات ليست بالجديدة، بل هي رغبة قديمة لدى الحكومات الاسرائيلية عملت جاهدة على تحقيقها عبر عقود، متذرعة بحجج واسباب عديدة، بحيث دعت بالاونة الاخيرة الإدارة الامريكية الى تفكيك هذه الوكالة بالامتناع عن تقديم الدعم المالي لها للحيلولة دون استمرارها بعملها وذلك بحجة أنها تساهم في نشر الكراهية ضد اسرائيل ومن انها تعرقل محاولات التوصل الى اتفاق سلام، حتى لا ينتهي دورها وبالتالي انتفاء الهدف من وجودها.
و آخر هذه المحاولات هو ادعاء اسرائيل من أن هناك عدداً من موظفي الاونروا منخرطون في اعمال ساهمت في دعم المقاومة وفي المشاركة بهجمات السابع من اكتوبر الماضي،
و جميع ما تسوقه اسرائيل من ادعاءات هي محض مزاعم، تهدف منها تصفية قضية اللاجئيين الفلسطينين بشكل نهائي من خلال تفكيك هذه الوكالة بعد أن نجحت في قيادة حملة ممنهجة استهدفت اقناع اكثر من ست دول بالاضافة الى اميركا بوقف تقديم الدعم للوكالة تمهيداً لنقل مهامها الى الى المفوضية السامية للاجئين التابعة للامم المتحدة، بحيث تتحول من قضية سياسية الى قضية انسانية ويصبح بموجبه الفلسطينيون شأنهم شأن لاجئين الدول الاخرى الفارين من الحروب.
و لنفهم ابعاد هذه الرغبة المستعرة لدى الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة علينا أن نعود بالوراء الى بداية وهدف نشأة الوكالة، فلقد نشأت الوكالة عام 1949 استناداً الى القرار رقم 302 الصادر عن الجمعية العامة للامم المتحدة والتي بموجبه منحت صفة لاجئ لقرابة السبعمائة وخمسين الف فلسطيني هُجروا من اراضيهم وارتفع هذا العدد ليصل الى اكثر من ستة ملايين لاجئ حول العالم، يتوزعون على ثمانية وخمسين مخيماً جلهم في قطاع غزة والضفة الغربية والاردن وسوريا ولبنان، هؤلاء جميعاً مسجلون في الوكالة ويتقاضون المساعدات كون اسمائهم مسجلة في بيانات الاونروا.
و قد عرّفت الوكالة اللاجئ بانه الشخص الذي كان يقيم بصورة طبيعية في فلسطين خلال الفترة الواقعة ما بين عام 1946 وعام 1948 , وفقد منزله ومورد رزقه بسبب حرب عام 1948.
حيث تبنت الجمعية العامة الاممية قرار رقم 194 الذي اكدّ في البند رقم 11 منه على حق اللاجئين الفلسطينين في العودة الى وطنهم و تعويضهم عن ممتلكاتهم التي فقدوها، و حق العودة هذا الذي اكدت عليه الاونروا أعطى الفلسطيني اعتقاداً جازماً بأن في استمرار وجود الاونروا ضمان لحقهم في العودة، ولكون مرجعية الوكالة تعود للجمعية العمومية وليس لمجلس الامن الدولي اعطاها ذلك حماية
من استهدافها بشكل مباشر ومنع اي محاولة لتقويض قوتها وثباتها.
وهذا ما جعل اسرائيل خانقة دوماً ودأبت على تحريض المجتمع الدولي ضد الوكالة لتفكيكها وعرقلة حصولها على مصادر للتمويل، ومما عزز هذه الرغبة لدى اسرائيل، تأسيس الأمم المتحدة مفوضية ثانية لشؤون اللاجئين في العام 1950 من دون دمج الاونروا تحت مظلتها، هذه المفوضية بخلاف الاونروا تنزع عن الشخص صفة اللاجئ في حال الحصول على جنسية الدولة المضيفة، اما الاونروا فإنها لا تنزع صفة اللاجئ عن الفلسطيني إلا في حال وفاته.
كذلك ما يثير امتعاض الإسرائيليين في وجود الاونروا و مساعيهم الحثيثة في تفكيكها هو ان الاونروا وحتى عام 2006 كانت تحصر تسجيل ذرية اللاجئين على الرجال فقط، قبل أن تمكن لوائحها اللاجئات الفلسطينيات اللواتي تزوجن من اشخاص غير فلسطينين من تسجيل اولادهن في سجلات الوكالة، وبذلك زعمت اسرائيل ان الاونروا تمنح الفلسطيني معاملة خاصة عبر نقل صفة اللاجئ الى ذريته، وقد ردت الوكالة بان هذا المبدأ يطبق على كافة اللاجئين بموجب القانون الدولي وليس محصوراً على اللاجئين الفلسطينيين.
لكل ذلك دأبت اسرائيل على محاولاتها تقويض جهود الوكالة ومحاولة تفكيكها لأجل إنهاء ملف اللاجئين بشكل نهائي وقتل اي محاولة في احلال عملية السلام وقد نجحت في ذلك عبر اقناع كثير من الدول في وقف تقديم الدعم لوكالة الاونروا وتحويل ملف الاجئين الى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة بحيث تتحول من قضية سياسية الى قضية إنسانية وتُنهي بذلك اي حلم او أمل للفلسطينيين في إقامة دولتهم، ومن هنا كان لازماً على كافة الدول ودول الخليج تحديداً ديمومة واستمرارية دعم عمل الاونروا من خلال رفدها بالاموال الازمة لمنع اسرائيل من تحقيق غايتها واهدافها المنشودة وحفظ حق العودة للاجئين الفلسطينين وحقهم في إقامة دولتهم المستقلة.