برعاية أمين عمان الدكتور يوسف الشواربة أعلنت أمانة عمان الكبرى، الاثنين، في حفل أقيم في مركز الحسين الثقافي، أسماء الفائزين بجائزة «حبيب الزيودي للشعر» في دورتها الرابعة للعام 2024، والتي تنظمها دائرة المرافق والبرامج الثقافية بالأمانة.
وسلم الشواربة ورئيس لجنة التحكيم الدكتور صبري ربيحات، الجوائز للشعراء الفائزين بالجائزة التي تحمل اسم الشاعر الأردني الراحل حبيب الزيودي، تقديرًا وتكريمًا له، كقامة وطنية قدمت الكثير في مجال الشعر من قصائد في حب الوطن والانتماء.
وحضر الحفل نائب أمين عمان محمد رسمي القيسي، والمدير التنفيذي لمهرجان جرش أيمن سماوي، وعدد من أعضاء مجلس الأمانة ومدراء الدوائر المعنية في الأمانة.
وفاز في مسار أفضل ديوان شعري الشاعر حربي المصري عن ديوانه (آنست غيما)، والشاعرة جمانه الطراونه عن ديوان (عتاب الماء)، والشاعر سلطان محمد عن ديوان (لا نهايات تليق بنا).
وعن مسار أفضل قصيدة نبطيه فاز بالمركز الأول الشاعر سليم المساعفه بقصيدة (السر)، وفي المركز الثاني الشاعر حسان النوافلة بقصيدة (وصف الهجن)، وفي المركز الثالث الشاعر محمد القطامين عن قصيدة (غزال الريم).
وحصل على المركز الأول عن مسار أفضل قصيدة فصيحة الشاعر عبدالرحيم كافية بقصيدة (فرضية للوهم)، وفي المركز الثاني الشاعر قاسم الدراغمة بقصيدة (ربمّا)، وفي المركز الثالث الشاعر حسن النبراوي بقصيدة (سمّ لذيذ).
وفاز عن مسار أفضل قصيدة للشعراء العرب المقيمين في الأردن الشاعر الفلسطيني شفيق العطاونه عن قصيدة (صهيل الغمام).
واستذكر ربيحات في كلمته مناقب الزيودي ورسالته الثقافية والفكرية، معربا عن سعادته لمبادرة أمانة عمان بتنظيمها جائزة تحمل أسم الشاعر الزيودي تقديرا لتاريخه وإبداعه.
وقال «في مثل هذا اليوم من عام ٢٠١٢ ودعنا وودع معنا الأردنيون حبيب الزيودي بعد أن استطاع تفكيك جينات هويتنا ويدرك حاجتنا إلى لغة شعرية تعشق مفرداتها بقيم البداوة وتستقى معانيها من صنوف التراث الذي ظل فينا بالرغم من محاولات مباضع الحداثة ووكلاء التحضر تجريدنا من كل ما في هذه الهوية من روح وقيم ولون ».
وأضاف »..وفي العالوك التي تقف على حدود الخضرة التي تكسو دبين وما حولها والرمال الزاحفة من الشرق قبل أن تتوقف عند مغاريب الزرقاء وقف حبيب بين شاعريته النابهة وتعلقه بتراث الكبار من الرجال الذين رسموا ملامح أردنيتنا بصدق وجرأة وعفوية..وقف حبيب ينحت لنا الصور الشعرية التي تحاكي مكونات اللاوعي العربي فينا، فأعاد إلى ذاكرتنا رسم حياة البداوة وذكرنا بطيب رائحة الخزامى و الندى ، وكان حبيب يود لو أنه عاش زمن نمر بن عدوان ليرافقه في رحلاته الى الأغوار وياجوز و يرى معه القدس أو لو أنه كان رفيقا لعرار ليطوف معه بلدات الأردن وليتشاركا معا في التغني بالثنية والطفيلة وماحص والفحيص وراحوب.. فقد كان يرحمه الله مولعا بصهيل الخيل، يحب بيوتات العالوك ومراييل الصبايا وشجرات البلوط التي طالما تفيأ وأغنامه ظلالها.. فلم تبرح صورة الشيخ المتعب الذي ظل يطوف التلال صامدا في وجه الريح وهو لا يزال يحلم بالمطر إذ أيقن أن المطر هو باعث الحياة وسر الخصب ونتاج علاقة أبدية بين الأرض والسماء».
وتابع ربيحات: «لا أظن أن في جمهور حبيب الزيودي الكثيرين ممن عاشوا في بيوت الشعر ولا من عرفوا سنابك الخيل وشهدوا الآباء وهم يحمسون القهوة على نيران مواقد الصباح.. لكن حبيب الذي عاش التراث وأحب أوجه حياة الآباء والأجداد تفهّم حاجة الراعي للمطر والابتهاج لمرور الغيم. ولقد نجح أيما نجاح في صهر الكثير من المواقف والأحداث والقصص والحكايات والقيم والمعاني وأعاد سكبها لنا وللجيل في قوالب شعرية جميلة يطربنا سماع إيقاعها ونجد أنفسنا فيها وكأننا عشنا كل لحظة وبرهة في عالم أسماه جنة مرابعنا و منازل الأهل فأصبحنا نعشق بيوت الشعر ورائحة الهيل وسنابك الخيل والبيارق.وفي بيت الشعر الذي اختارت أمانة عمان له موقعا يناظر قلعتها وساحاتها ومدرجها حاول حبيب أن يجلب للمكان روحا جديده فتحولت أشعاره إلى ألحان وقصائده إلى أغانٍ لتنتقل عبر الأثير وحناجر الفنانين ولتتلقفها المسارح وتصبح على أجندة الاحتفالات الوطنية والمناسبات العامة ولتملأ الفضاء العام وتخصب أرواحنا بحب ذواتنا وهويتنا العصية على التجريف».
وتحدث ربيحات عن علاقته بالزيودي، قائلًا: «لعلاقتي المميزة بحبيب وما فيها من مد وجزر كنت أول من أسعده مبادرة الأمانة لتأسيس برنامج لجائزة شعرية باسم شاعر الوطن حبيب الزيودي وأسعدني أن كلفني الأصدقاء في مديرية الشؤون الثقافية بأن اكون رئيسًا للجنة تحكيم الجائزة لهذا العام، فالشكر موصول للأمانة ممثلة بأمينها ومجلسها وكوادرها ودائرتها الثقافية الفاعلة ، كما أود أن أتوجه بالشكر إلى زملائي أعضاء فريق التحكيم الذي تألف من أربعة من الشعراء والنقاد الذين يحظون بتقدير واحترام المؤسسات الأكاديمية و الشارع الثقافي الأردني»..
وعن منهجية لجنة تحكيم الجائزة، قال ربيحات «لقد توخت اللجنة الدقة في تقييم الأعمال التي عرضت عليها فوضعت المعايير الموجهة للتقييم والتزمت بالشروط والمواقيت وخرجت بالنتائج التي نأمل أن تشكل حافزا لأصحاب الأعمال الفائزة ودافعا لمن تقدم لطرح المزيد من الأعمال».
وفي كلمته، أرسل مدير دائرة البرامج الثقافية في أمانة عمان عبدالهادي راجي المجالي برقية شكر إلى العالوك والمناجل ومواسم الحصاد التي أنتجت لنا شاعرا بهذا الحجم…
وقال «هذا الإحتفال لا يأتي في إطار تكريمنا لشاعر فقط..وإنما في إطار حبنا للأردن العزيز الغالي، الأردن الذي كان طليعة الأمة في الصبر..وكان نصل السيف..هو الوطن الوحيد الذي ضحى، والذي بات مقسما اليوم بين من يريدونه ساحة للطم والنواح ونكران الإنجاز والسوداوية..وبين من يؤمنون أن هذا البلد ما زال يستطيع أن يقيم مصانع للفرح والحياة…
الأردن العزيز الغالي..هو الوطن الوحيد في هذه الدنيا الذي قدم ملكا وثلاثة من رؤوساء وزارته…شهداء لأجل فلسطين في أقل من عشرين عاما، الملك عبدالله الأول على أعتاب القدس، إبراهيم هاشم رئيس وزراء الوحدة وقد اغتيل في العراق..هزاع المجالي ووصفي التل…هل يوجد وطن في الدنيا يقدم قادته قبل جنوده…في سبيل المباديء…مثل وطننا..؟! والأردن هو الوطن الوحيد الذي لم يحكم إلا من الملوك: المؤابيون العمونيون الذين أورثونا عمان والذين أقاموا مملكتهم على حد السيف والدم..العرب الأنباط الذين فجروا من الصخر جداول وعلموا البشرية معنى العمران ومعنى الحياة في قلب الصخر.. والهاشميون الذين أقاموا نظاما مبنيا على الحلم والسماحة والعدل والحرية….لهذا تمثل شعبنا بأخلاق الملوك لأنه لم يمر على أرضه إلا الممالك ولم يحكم إلا من ملوك…ولم يقبل أن يسجل في تاريخه بأنه أنتج جلادا أو سفاحا أو مستبدا…الأردن وطن الممالك ووطن القادة الشهداء..يستحق شاعرا مثل حبيب أن يكتب عن سنابله وجدائل الصبايا فيه..ويستحق أن نفخر به ونعتز بقيادته..وأن نؤسس فيه للفرح مكانا… وسنبقى في صف من يؤمنون أن للفرح مكانا..أما الذين يريدونه ساحة للعويل والبكاء واللطم…فيكفي أن يكون حبيب الزيودي وما أنتج ردا وافيا عليهم »…