جوزف سماحة، سماحة الأستاذ الذي لطالما اعتصم في صمته وأطلق الصوت المدّوي عبر حبره، تُفلفش صفحات الجريدة بسرعة أو بعض تأنٍّ، لتعود فتركن الى مقالته التي يصوغها من حسٍّ تحليلي وقدرة لغوية وبُعدٍ وطني. وتعيد قراءة ما يكتب أحياناً أكثر من مرة لتعرف أكثر ولتتعلم أكثر، فالرجل اختبر الحياة السياسية وعجنها وقدّم مقالاته أرغفة إلى القراء التوّاقين إلى إدراك السياسة في لبنان وفقه غرابتها وتبدّل أشخاصها بتبدّل الموازين والقوى.جوزف سماحة الطويل القامة والبال، المتواضع تواضع قمح سهول عكار، غابَ في ضباب لندن التي قصدها زائراً ليرجع منها الى تراب الأرض الخائف على ترابها والباحث عن صيغة تحميه لأهله من أهله قبل غيرهم.
عجباً، كيف للإنسان أن يعرف وهو الهارب دوماً من الرحيل والمختبئ من العمر، كيف له أن يعرف أنه راحل فيكتب وصيته من غير أن يعرف أنها وصية، مقالان للأستاذ، أول للمعارضة وآخر للموالاة، فيهما وصية وتوصية عسى المعارضة والموالاة تعودان اليهما فيتحوّل المقالان الى مبادرة، مبادرة من داخل تمثّل مدخلاً إلى توافق وتوفيق بين الطرفين فيزهو حبر جوزف سماحة ويسنبل قمح سلام من غير استسلام للقلق والخوف.
أرغفة القرّا* فيرا يمّين
2