عروبة الإخباري –
في ظل التحولات الاقتصادية والسياسية العالمية المتسارعة، تبرز مجموعة البريكس كلاعب مؤثر يسعى إلى إعادة تشكيل النظام الدولي. مع انضمام دول عربية إلى هذه المجموعة، وتوجهها نحو اعتماد عملة نقدية موحدة، تثار تساؤلات عديدة حول تأثير ذلك على الاقتصاد العالمي، وعلى العلاقات بين الشرق الأوسط والغرب.
في هذه المقابلة، نستضيف رئيس مجلس ادارة منصة صحافة وطن الصحافي والكاتب سماح مطر، ليلقي الضوء على هذه المستجدات ويقدم رؤيته حول انعكاساتها على المنطقة ومستقبل التحالفات الدولية.
- كيف تقرأ انضمام دول عربية مثل السعودية والإمارات إلى مجموعة البريكس؟ وهل يمكن أن يكون لهذه الخطوة تأثير مباشر على موازين التحالفات الدولية؟
انضمام دول عربية كبري إلى مجموعة البريكس يمثل تحوّلاً هامًا في سياسات هذه الدول تجاه النظام الاقتصادي العالمي. هذه الخطوة ليست فقط اقتصادية، بل تحمل أبعادًا سياسية قد تؤدي إلى تغير موازين التحالفات الدولية. فهي تشير إلى توجه هذه الدول نحو تنويع شراكاتها الاقتصادية بعيدًا عن الاعتماد التقليدي على الغرب، وبالتحديد الولايات المتحدة وأوروبا، مما سيؤدي إلى إعادة صياغة التحالفات الإقليمية والدولية على أساس تعدد القطبية.
- مع إعلان البريكس عن عملة نقدية موحدة لتسهيل التبادل التجاري بين دولها، كيف ترى تأثير ذلك على الاقتصاد العالمي بشكل عام وعلى الاتحاد الأوروبي بشكل خاص؟
إطلاق عملة نقدية موحدة بين دول البريكس يهدف بشكل واضح إلى كسر هيمنة الدولار الأمريكي وتقليل الاعتماد على النظام المالي الغربي. تأثير ذلك على الاقتصاد العالمي سيكون ملحوظًا، خاصة مع زيادة التوجه نحو تعدد العملات في التجارة الدولية. الاتحاد الأوروبي قد يتأثر سلبًا، حيث إن اليورو يعتمد إلى حد كبير على الاستقرار الاقتصادي والسياسي لأوروبا. أي تقلص في هيمنة الدولار قد يؤدي إلى تذبذب في مكانة اليورو أيضًا في الأسواق الدولية.
*3. هل تعتقد أن هذه العملة النقدية الموحدة قد تشكل تهديداً للدولار الأمريكي واليورو كعملات مهيمنة في الأسواق العالمية؟
نعم، العملة الموحدة قد تشكل تحديًا حقيقيًا للدولار واليورو. إذا نجحت دول البريكس في تأسيس نظام مالي فعّال يستند إلى هذه العملة الجديدة، فسيؤدي ذلك إلى تقليل الحاجة للدولار واليورو في التعاملات التجارية الدولية، خاصة بين الدول الأعضاء. ومع توسع البريكس وضم دول جديدة، ستصبح هذه العملة أكثر تأثيرًا على الأسواق العالمية.
- كيف يمكن أن تتأثر العلاقات الاقتصادية بين دول الشرق الأوسط والاتحاد الأوروبي بعد دخول الدول العربية في البريكس؟ وهل من المتوقع أن تنخفض مستويات التبادل التجاري بين الطرفين؟
من المحتمل أن تتأثر العلاقات الاقتصادية بين دول الشرق الأوسط والاتحاد الأوروبي بشكل مباشر، حيث ستتجه الدول العربية العضوة في البريكس لتعزيز شراكاتها مع الدول الأعضاء في المجموعة. هذا قد يؤدي إلى تقليص التبادل التجاري مع الاتحاد الأوروبي، خاصة في مجالات الطاقة والاستثمارات. ومع ذلك، فإن ذلك لا يعني قطع العلاقات بالكامل، بل قد نشهد إعادة توازن في هذه العلاقات.
- برأيك، هل سيشهد الشرق الأوسط تحالفات جديدة أو تغييرات استراتيجية في سياسات الدول بعد انضمام بعض الدول العربية إلى البريكس؟
من المؤكد أن انضمام دول عربية للبريكس سيفتح الباب لتحالفات جديدة في المنطقة. قد تتبنى هذه الدول سياسات أكثر استقلالية تجاه الغرب، مما سيؤدي إلى إعادة ترتيب الأولويات الإقليمية. دول مثل إيران، التي تسعى دائمًا لتعزيز علاقاتها مع البريكس، قد تكون من بين المستفيدين من هذه التحالفات الجديدة. كما قد نرى تغيرات في السياسات الخارجية للدول العربية تجاه قضايا مثل الطاقة، والاستثمارات، والأمن الإقليمي.
- هل تتوقع أن يشجع انضمام الدول العربية إلى البريكس دولاً أخرى في المنطقة على التفكير بالخطوة نفسها؟ وما هي التحديات التي قد تواجه هذه الدول؟
نعم، انضمام الدول العربية إلى البريكس قد يشجع دولًا أخرى في المنطقة على التفكير في الانضمام. دول مثل الجزائر ومصر قد ترى في هذا التحالف فرصة لتوسيع نطاق علاقاتها الاقتصادية. التحديات التي قد تواجهها هذه الدول تتعلق بالقدرة على التكيف مع متطلبات البريكس، وتحقيق التوازن بين مصالحها الاقتصادية والعلاقات القائمة مع الغرب.
- كيف ترى موقف الاتحاد الأوروبي من توسع البريكس وانضمام دول عربية إلى المجموعة؟ وهل يمكن أن يؤثر ذلك على سياسات الاتحاد تجاه المنطقة؟
الاتحاد الأوروبي قد ينظر إلى توسع البريكس وانضمام دول عربية إليه بنوع من القلق، حيث إن هذا التحالف يشكل تهديدًا مباشرًا للتأثير الأوروبي في المنطقة. لذلك، قد نرى تغييرات في سياسات الاتحاد الأوروبي تجاه الشرق الأوسط، تشمل تقديم حوافز اقتصادية أو تعزيز الشراكات التجارية للحفاظ على نفوذه.
- كيف سيتأثر الشرق الأوسط بالتوجه الاقتصادي الجديد لدول البريكس وخاصة في ظل التخوفات من تأثيره على أسعار الطاقة وأسواق النفط؟
التوجه الاقتصادي لدول البريكس سيؤثر بلا شك على الشرق الأوسط، خاصة الدول المنتجة للنفط. إذا قررت دول البريكس اتباع سياسات نقدية وتجارية مستقلة عن النظام الغربي، فقد يؤدي ذلك إلى تقلبات في أسعار الطاقة، وتغيرات في أنماط الاستهلاك والاستثمار. ومع ذلك، قد تستفيد بعض دول المنطقة من تعزيز علاقاتها مع اقتصادات ناشئة مثل الصين والهند.
- برأيك، هل يمكن أن يشكل انضمام الدول العربية إلى البريكس عامل ضغط جديد على العلاقات السياسية بين دول الشرق الأوسط والدول الغربية؟
بالتأكيد، انضمام الدول العربية إلى البريكس سيشكل عامل ضغط جديد على العلاقات السياسية مع الغرب. الدول الغربية، خاصة الولايات المتحدة وأوروبا، قد ترى في هذا التحالف تهديدًا لنفوذها في الشرق الأوسط، مما قد يؤدي إلى زيادة التوترات السياسية، وربما دفع الغرب لتعزيز دعمه العسكري أو الاقتصادي لبعض الدول غير المنضمة.
- ما هي التوقعات المستقبلية لدور البريكس في إعادة تشكيل النظام الدولي؟ وهل سيكون للشرق الأوسط دور مركزي في هذه المعادلة الجديدة؟
دور البريكس في إعادة تشكيل النظام الدولي قد يكون كبيرًا، خاصة إذا تمكن من تعزيز التعاون الاقتصادي بين أعضائه واستقطاب دول جديدة. الشرق الأوسط، باعتباره مصدرًا رئيسيًا للطاقة وملتقى للتجارة العالمية، سيكون له دور مركزي في هذه المعادلة. الدول العربية المنضمة إلى البريكس قد تلعب دورًا محوريًا في تحديد سياسات الطاقة والتجارة في المستقبل، مما يعزز مكانتها الإقليمية والدولية