عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب
حين ترجل من موقعه الذي ترك فيه بصمات لا تمحى من الإنجاز والخدمة العامة، وغادر موقعه، احتفظ بحبه لوطنه واخلاصه له، ولم تعرف المرارة طريقاً الى مواقفه أو مشاعره بل انه كان كظيم الغيظ وقال حسبنا الله ونعم الوكيل.
كانت الضربات المؤلمة التي اوقعها بعصاه الغليظة على البلطجية والاتاوات وقطاع الطرق وبائعي المخدرات ومروجيها، قد أصابت وحققت العديد من مواقعهم وخرائط عملهم، فقد اجتثت … الحملة التي قادها بنفسه وخرج اليهم شخصياً، الكثير من عناصرهم ودورهم ولو بقى عمله سارياً لما رأينا نبات الهالوك يعود لينمو فيأكل الزرع، لقد شكل.هولاء الذين اجتثهم مراكز قوى تمتلك وسائل بعضها ارتد على مسؤولين مخلصين كان أولهم الباشا حسين الحواتمة، الذي صمد ووصف ان ما جرى كان من جانب من حاربهم سحابة صيف وأن الحقائق ستظهر وأنه في الليلة الظلماء يفتقد البدر.
لم يكن الباشا الحواتمه شللياً ولا جهوياً ولا عشائرياً، ولكنه كان جندياً محترفاًً مخلصا يؤمن بالجندية ويمسك بمناقبها ويبر بقسمها فأعطاها من جهده وعرقه وسهره، وحين كنت اتصل به للرد على خبر او توضيح خبر كان يرد من أقصى الجنوب حيث كان بنفسه يتابع
في احدى المرات ولأسباب اعتقدها مهمة، اتصلت وكان الوقت الثانية عشرة والنصف ليلاُ، فرد وقال الآن ادخل المكتب لأفطر، ووالله ما تناولت طعاماً، منذ الصباح، وشعرت بالخجل من ذلك واستأذنته أن أعاود الاتصال بعد حين وفوجئت أنه هو من اتصل واستفسر وشكر، لقد قاد جهاز الأمن العام بطريقة ما زالت نموذجاً نتطلع اليه.
كان الفريق الركن الحواتمة، مثال الشاب العصامي الذي اعتمد على نفسه وانخرط في العسكرية وتقدم فيها بسرعة ومبكرة واجتاز معظم الدورات بتميز وتفوق، وقد لمست ثقافته العالية واتقانه عدة لغات وهو يتحدث أمام مجموعة من أعضاء جمعية الشؤون الدولية، برئاسة الدكتور عبد السلام المجالي،رحمه الله آنذاك، وأذكر انني سألت سؤالاً اعتبره البعض تحريضاً، ولكن الباشا الحواتمة، تلقاه بصدر رحب ويتعلق بمسألة حقوق الانسان وموقف جهاز الأمن العام من ذلك.فاجاب بلغة واضحة وموضوعية
يعود الحواتمة الى ميدان التشريع عضواً في مجلس الاعيان ويجري إعادة الأعتبار له وتقديمه حيث يجب أن يكون، فقد أعطى الرجل الكثير لبلده وخدم قائده وأحسن الخدمة وما زالت آثار عمله ماثلة في أقسام كثيرة في جهاز الأمن العام.
نبارك للباشا الحواتمة ولآخرين سنأتي على ذكرهم أعادة الاعتبار وجرى تمكينهم من العودة من أجل خدمة بلدهم وهم معروفون وقد استحقوا أن يكونوا في مناصبهم في السلطة التنفيذية وحيث كانت خدمتهم.
البعض قال لماذا نكتب عنهم، قلت غالباً ما اكتب عن الذين يغادرون الموقع وليس القادمين للموقع، بعد أن أكون قد تأكدت من تجربتهم أو قرأتها أو تابعتها وفي هذا الحال يكون الكاتب منصفاٌ وليس لديه غرض، وكنت كتبت عن الباشا الحواتمة حين غادر وحاولات الأطراف المنتفعة من استقالته ان يلحق به كما من الاشاعات، وكنت بذلك اريد أن ارسي تقليداً، وهو محاسبة المسؤول من قبل ومن بعد والذي يخلص في عمله لن يعدم الذكر الطيب، بل سيذكره الناس وسيذكره بلده، والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.