وليس نزوح أبناء البقاع ضمن نطاق المنطقة كما باقي المناطق، فأبناء القرى البقاعية جميعهم يعاني، لا فرق بين المضيف والضيف، الجميع يجهد لتأمين مستلزمات العيش حيث لا خطط طوارئ توازي حجم الفاجعة.
المضيف والضيف في أزمة
أولى المناطق البقاعية التي استقبلت نازحي البقاع كانت قرى دير الأحمر وراس بعلبك والقاع وعرسال وبعض أحياء مدينة بعلبك في محافظة بعلبك الهرمل وبالطبع مدينة زحلة وكافة قرى الجوار. لم يتردّد أهالي القرى والمدن المذكورة وسواها من القرى الآمنة نسبياً باستقبال أهالي القرى المستهدفة التي تتعرّض للقصف باستمرار كقرى طاريا وشمسطار ودورس ويونين والنبي شيت وتمنين وقصرنبا وغيرها الكثير. استقبلوا الآلاف من القرى المجاورة في المدارس والمقرات العامة وحتى المنازل، لم يبخل أبناء البقاع على بعضهم بالإيواء، تجازوا كما العادة، اختلافاتهم الطائفية والسياسية وفتحوا ما تبقى من قرى آمنة للنازحين، لكن شح المساعدات والدعم الذي يناله البقاع لاسيما مناطق شمال بعلبك وضع المضيفين والضيوف في مواجهة أزمة معيشية حقيقية.
هذا النموذج من العائلات قد يُعمّم على مساحة البقاع، فالعائلات التي استقبلت نازحين في منازلها كثيرة جداً، وهؤلاء لم تلتفت إليهم الدولة بخطة الطوارئ التي وضعتها. لا بل اكثر من ذلك لم تطل خطة الطوارئ مراكز الإيواء أيضاً، المعتمدة من قبل لجنة الطوارئ، إذ لم تصل المساعدات إلى البقاع قبل مرور 3 أسابيع على توسع دائرة القصف الإسرائيلي، وحين وصلت لم تتجاوز الفتات كالفرش والخبز وبعض الأساسيات من مجمل حاجات البقاعيين.
“استمرارية” الحرمان
لم تكن منطقة البقاع لاسيما منها منطقة بعلبك الهرمل بأحسن حالاتها قبل الحرب، فقد كانت تعاني من أزمات اقتصادية واسعة النطاق كما باقي المناطق اللبنانية إلى جانب أزمة تجاهل السلطات الرسمية التي اعتادها أبناء البقاع على مدار عقود. أما اليوم وفي ظل حرب شرسة لم يعد الحديث عن حرمان البقاع يعبّر عن واقعه، فالمنطقة باتت غارقة بأزمات يصعب التكهّن حالياً عما إن كانت ستخرج منها. فالدمار هائل والنزوح اللبناني والسوري يفوق قدرة أي منطقة على تحمّل أعبائه.