عروبة الإخباري* سارة عمر
مع تصاعد حدة الحرب الإسرائيلية على لبنان، تفاقمت أزمة النزوح الجماعي، حيث فرّ الآلاف من مناطق الجنوب والبقاع هربًا من القصف المستمر. وفي ظل غياب دور فعّال للدولة اللبنانية في مواجهة هذه الأزمة الإنسانية، ظهرت مبادرات المجتمع المدني لتلعب دورًا رئيسيًا في تقديم المساعدات الأساسية وتوفير السكن المؤقت للنازحين. عبر جهود فردية وتنظيمات تطوعية، نجح اللبنانيون في سد فجوة غياب الدولة، مما أظهر مجددًا قوة التضامن الشعبي أمام التحديات الوطنية الكبرى.
في ظل غياب واضح وتراجع دور الدولة اللبنانية في إدارة الأزمة الناتجة عن الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2024، ظهر المجتمع المدني كعامل رئيسي في توفير الإغاثة والدعم للنازحين. بسبب الأزمات السياسية والاقتصادية المستمرة في البلاد، لم تكن المؤسسات الحكومية قادرة على تلبية احتياجات مئات الآلاف من النازحين الذين تدفقوا من المناطق الجنوبية والبقاع هربًا من القصف.
الفراغ الذي تركته الدولة تم ملؤه بمبادرات شعبية واسعة النطاق، حيث نظمت مجموعات من المتطوعين حملات إغاثة شملت تقديم السكن المؤقت، المساعدات الغذائية، والاحتياجات الأساسية. على سبيل المثال، المبادرات الفردية مثل “بيتنا بيتك” و”وقت للتضامن” تمكنت من جمع تبرعات من داخل وخارج لبنان، وتسخير طاقات المتطوعين لتقديم الدعم المباشر للمتضررين.
هذا الغياب الحكومي ليس جديدًا في الأزمات اللبنانية، حيث اعتاد المواطنون على الاعتماد على المجتمع المدني والجمعيات الأهلية وحتى المهاجرين اللبنانيين لتأمين الاحتياجات في حالات الطوارئ.
فقد أدى التصعيد العسكري الإسرائيلي على لبنان إلى نزوح واسع النطاق، خاصة من مناطق الجنوب والبقاع، حيث تعرضت هذه المناطق لقصف مكثف. استجابة لهذا الوضع الإنساني، أطلق المجتمع المدني اللبناني العديد من المبادرات لدعم النازحين، متعاونين مع منظمات محلية ودولية.
من بين المبادرات البارزة، كانت هناك حملات مثل “وقت للتضامن” و”بيتنا بيتك”، التي تم تنظيمها من قبل متطوعين ومؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي، لتوفير المأوى والمساعدات الغذائية للنازحين.
هذه المبادرات اعتمدت على دعم محلي ومن المغتربين اللبنانيين، حيث تم تحويل المدارس والمباني غير المستخدمة إلى مراكز إيواء مؤقتة، وتم توفير الفراش والطعام والمياه ووسائل النظافة الأساسية. كما شاركت العديد من العائلات اللبنانية في استقبال النازحين في منازلهم، خصوصاً في المناطق التي لم تتعرض للقصف مثل جبل لبنان وطرابلس.
بالإضافة إلى ذلك، شهدت بعض المناطق اللبنانية تعاونًا ملحوظًا بين الأهالي لتقديم المساعدة للعالقين في الازدحامات المرورية، وتوفير الطعام والماء للنازحين أثناء رحلاتهم الطويلة إلى مناطق أكثر أماناً.
تظهر هذه الجهود التضامنية الوجه الإنساني للشعب اللبناني، الذي رغم التحديات الاقتصادية والسياسية التي يمر بها، لم يتوانَ عن مساعدة النازحين في هذه الظروف الصعبة.