عروبة الإخباري كتب سلطان الحطاب
لم يغادر الأردن رغم كل الضغوط التي وقعت عليه واستعمال اسلوب العصا والجزرة معه في التورط في تدخل سافر في سوريا، فقد بقي لسنوات طويل يمشي على الحبل ويحسبها جيدا ويضع عينيه على مصالحه الوطنية.
وظل قادراً على دفع الضغوط، بل كان في اللحظات الصعبة يميل لصالح سوريا ونظامها حين تكون الخيارات ضيقة ومحدودة، فقد رفض الأردن أن تضرب دمشق من فوق أراضه ويعرف السوريون ذلك وقد بحثوا مع الأردن هذه المسألة بعد أن ظل الموقف الأردني صلباً وواضحاً.
تورطت عرب كثيرة في سوريا ودفعت أموال تكفي لتحرير فلسطين لو انفقت في مجالها، واعترف الكثيرون بانهم سنوا خناجرهم ولم يميزوا في ذبح السوريين بين عدو وصديق.
الموضوع السوري موضوع خلافي وتتوزع فيه الاجتهادات، وقد نالنا من القضية السورية الكثير، وقد أورثت لنا مشاكل اللجوء السوري الواسع، وقد ظل الأردن حاضنة لم تقصرللسوريين وهم يعرفون ذلك ويقرونه عند المنصفين.
لقد جرى طرد مجموعات كانت خططت للتدخل في سوريا وحاولت قصفها وتصدير السلاح والمقاتلين لها، جرى طردهم من عمان وجرى اخلاء فندق الفورسيزن من العمليات آنذاك.
اليوم وقد اشتعلت المنطقة وبلغت الروح الحلقوم واحترق ودمر عشرات الألوف في فلسطين ولبنان وارتكبت حرب الابادة وما زالت، وما زالت العدوانية النازية الاسرائيلية في اوجها، فإن الضرورة والمصلحة والروح الانسانية والقومية والوطنية تدفع الجانبين الأردني والسوري العض على الجرح وتضميده والقول “داو جرحك قبل أن يتسع “، فقد اصبحت النار في جوارنا وتمتد السنة اللهب وشررها يصيب مجتمعاتنا مباشرة، وأصبحت سوريا نهباً للأجنبي في التدخل والتجاوز في وضعها ومستقبلها سواء برغبة او بدون رغبة.
الخطر محدق بسوريا وخاصة الخطر العدواني الاسرائيلي الذي يخلق الذرائع ويضرب سوريا والعديد من مدنها واريافها، ويغتال من قيادتها العسكرية ويضرب منشأتها الحيوية ايضا، وقد جرى اغتيال الكثيرين على الارض السورية، وما زال العدو يقصف دمشق وسواها وما زالت الولايات المتحدة ترابط على الأرض السورية وتنهب خيرات سوريا ونفطها وغازها وسوى الروم خلف ظهر سوريا روم أيضاً ، فهناك الروس والايرانيين وغيرهم وهناك المخطط الاسرائيلي المشمول بخطط الجنرالات الاسرائيليين وغير هذا المخطط والذي يريد ان يمتد من الجولان باتجاه السويداء ليشكل حاجزاً يفصل بين سوريا والأردن. فالخطة بخصوص الجولان انفذت بالضم وبعد ذلك بالتبرع بالجولان كما فعل ترامب في صفقة القرن.
الآن نحن والسوريون.ارجلنا في الفلقة وهناك ذرائع تطلق ومبررات يجري تخصيبها للصيد فيها وهناك من لديه خطط تستهدف الأردن من سوريا وتستهدف سوريا من الأردن، فما نحن فاعلون.
وزير الخارجية الأردني المحترم الذي يحظى بشعبية واسعة لقوة خطابه الجامع والوطني والذي يحبه الشارع ويرضى عنه وهو الاقدر على ترجمة الخطاب الملكي واخذه على الوجه الأجمل والأفضل، الصفدي في دمشق يحمل رسالة أردنية لها أبعاد عديدة، بعضها يبصر وفيها وتبشير ويحمل التحذير من المخاطر … التي لا يجوز الإهمال فيها او ركنها او انتظار الزمن، فالحدود بيننا وبين السوريين يجب ان تكون هادئة ومصانة لصالح الطرفين لا يخترقها احد ولا يبتز احدا من خلالها الأردنيين ولا السوريين، وهذا يقتضي .. التنسيق وربما دوريات مشتركة ويجب تطهير الحدود وعبرها مما كان يعكر أو ما زال من تجارة غير مشروعة وممنوعات منها الأسلحة وغيرها مما تصدى له الأردن ببسالة.
سوريا الآن مستهدفة وكأننا عشية حرب في الجولات عام 1973، حين وصل الجيش الأردني مدافعاً عن التراب السوري أو كأننا عشية حرب حزيران 1967.
سوريا عزيزة على كل العرب ودمشق خاصرة العروبة وعاصمة الأمويين ايضاً، لا يجوز أن يتشدق بذكرها .. شاذ مثل سموترتش وزير المالية الاسرائيلي الذي كان قال أن دمشق امتداد للقدس وبرهن التوسعية والاحتلال وأن اسرائيل صغيرة وبحاجة أن ينفخ فيها لتكبر كما قال المعتوه ترامب في حملته الانتخابية.
نحن في خطر في مواقع التهجير والمحاولات العدوانية الاسرائيلية التي طلبت من سكان طولكرم وجنين الذهاب الى اربد والتبرع الاسرائيلي بحماية قوافلهم وهم يخرجون، اليس هذا ضرب من الجنون يستحق ان ننتبه له وننهض ونرد ونمنع.
سوريا مهددة والأردن مهدد، وحتى لو اختلف التشخيص وقراءة التحديات، فإن التعاون المشترك هو ان يكون هناك موقف أردني سوري يمنع التداعيات السلبية وبويقف العدوان والتدخل والإطماع اياً كان مصدرها، الأردن قلق على حدوده وامنه وواجب سوريا ان تطمنه عمليا وبإجراءات وتنسيق، وسوريا قلقة على وضعها وعلى ترابها الوطني ومستقبلها، وهذا ايضاً يفرض عليها الذهاب الى سياسة الاحتواء باعادة مواطنيها اللاجئين في المنافي والمخيمات وصيانه أمنها، وسأن الأردن معها كما كان عشية حرب 1973، في الجولان، والأردن حريص على الجوار السوري، وتخليص سوريا من كثير من الارتهانات التي قد تبدو صعبة حين تواجهها سوريا وحدها.
يبدو أن سوريا تثق بالجار الأردني وقد جربته في أكثر من محنة وموقف، واعتقد أو وزير الخارجية الأردني كان واضحاً في حديثه مع المسؤولين السوريين، فالوقت ضيق وحساس والمنطقة كلها تذهب باتجاه المزيد من الحرائق والذكي هو من اعتبر بغيره، وهذه الخطة والحقيقة التي لا مجال فيها للمراوغة او التكتيكات الاستهلاكية، فالسكين الصهيونية واضحة المقبض وهي مشحوذة على أعناق أجيالنا وعلى القبضة اليد الأمريكية الداعمة للعدوان والمدافعة عنه، وقد تكون هذه أيضاً قراءة سورية كما الأردنية.
في لحظات التحدي هذه ندعو الأردن وسوريا الى موقف يأخذ المخاطر الكامنة والمترصدة الآن بعين الاعتبار ولا نضع حصادنا في بيدر مهما كان ولا بيضنا في سلة الغير وعلى انظمتنا أن تصارح شعوبنا بالمخاطر وان نقف صفاً واحداً، وهذا أبرز ما دعى له وزير الخارجية أيمن الصفدي .. في دمشق، وسلام من صبا بردى أرق، وعفا الله عما مضى.
ولتكن القراءة القادمة بلغة عربية فصيحة لا لبس فيها ولا عجمة حتى لا نخذل مواطننا كما خذلت بيروت عام 1982، وخذلت غزة وما زالت تخذل بمزيد من الافتاء النجس