عروبة الإخباري –
الغد –
البيان رقم (1) الصادر عن الحركة الإسلامية، عبر ذراعها السياسية «حزب جبهة العمل الإسلامي»، هو أصل الخلاف الدائر حول عملية جنوب البحر الميت التي وقعت صباح الجمعة، وليس العملية نفسها!
فقد سبق عملية البحر الميت بأسابيع عملية أخرى أكثر قوة نفذها ماهر الجازي في معبر الكرامة/ جسر الملك حسين، أدت إلى مقتل عدة إسرائيليين، ونالت تعاطفاً شعبياً واسعاً دون أي سجالات حولها. فإشكالية عملية البحر الميت مرتبطة بالشأن الداخلي الأردني ولا علاقة لها بفلسطين مع أن أصل كل الحكاية فلسطين!
القضية هي البيان رقم (1) وحيثياته التي أعلنت فيه الحركة الإسلامية انتماء منفذي العملية للجماعة نصًا: «العملية البطولية نفذها اثنان من شباب الحركة الإسلامية، الشهيد البطل عامر قوّاس والشهيد البطل حسام أبوغزالة.» وهو نص مثير للعديد من الإشكاليات وله مآلات لا يمكن تجاوزها أو القفز عنها في هذا التوقيت بالذات.
الإشكالية الأولى تتعلق بـ»تبني» العملية من خلال وصف المنفذين بأنهم من أعضاء الحركة، وهو ما عجز الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي، وائل السقا، عن تبريره أو الالتفاف حوله في مقابلة على قناة المملكة، حيث شبّه الأمر بالانتساب إلى النقابات المهنية، فالنقابة ليست «جماعة» ولا علاقة لها بالتسليح.
الإشكالية الثانية تكمن في أن البيان يمثل «تحولًا جذريًا» في دور جبهة العمل الإسلامي وهويتها، كونها حزبا سياسيا حقق أعلى نسبة أصوات في الانتخابات النيابية الأخيرة، لتظهر كذراع عسكرية يدعم العمليات الاستشهادية، مما يفتح تساؤلات حول خروج الجبهة عن الدولة، ووجود مظاهر مليشيات مسلحة داخلية في صفوفها أو ارتباطات تنظيمية خارجية.
الأخطر كان في التراجع عن مضمون البيان الأول عبر البيان الثاني الذي سعى لتخفيف حدة التصريحات، ما يعكس أزمة أو تخبطًا إما على مستوى القيادة العليا أو القاعدة، وهو أمر خطير لم نعتده سابقا إذا ما أدى لفقدان القيادات السيطرة والتنسيق عموديا وأفقيا.
أما الإشكاليات التي تتجاوز البيان، فتتعلق بفهم وخلط المسارات بين السياسي والحقوقي والعسكري فيما يتعلّق بالقضية الفلسطينية. وعلى الرغم من ضرورة تكامل هذه المسارات وإسنادها لبعضها، يبقى المسار العسكري بيد الدولة الأردنية وحدها، فليس من المقبول أن يبقى في السياسة أو الهيئات الحقوقية والتشريعية من يرى أن الخيار العسكري الخارج عن الدولة هو الحل.
وهنا تصبح القضية سيادية غير متعلقة بالتعددية السياسية، ومرتبطة حكما بمن يملك القرار العسكري في الأردن. ويبقى للحركة الإسلامية وغيرها من الأحزاب الحق في التعبير عن إرادتها السياسية وتمثيل قواعدها الشعبية، فيما يتعلق بالعلاقة مع الكيان، داخل مجلس النواب تساندها بذلك الهيئات الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني، في إطار قانوني وتشريعي.
تصريحات نتنياهو وسلوكه المتطرف ليست مجرد تهديدات، بل تعكس مخططًا أوسع يهدف إلى توسيع نطاق المواجهة، مما يضع الأردن أمام تحديات خطيرة، خاصة مع تصاعد الغضب الشعبي بسبب ما يتعرض له الأشقاء في غزة من بطش وإبادة جماعية وتصعيداً سياسياً وعسكرياً يقوده رموز التطرف الديني والسياسي والعنصري ليس في المنطقة بل بالعالم بأسره.