عروبة الإخباري –
تحدث الصحافي اللبناني سماح مطر، رئيس إدارة وتحرير منصة صحافة وطن، لموقع عروبة الإخباري الأردني، عن التطورات المتسارعة التي يشهدها الشرق الأوسط ولبنان بشكل خاص، يزداد الحديث عن احتمالية وجود تفاهمات سرية بين إيران والولايات المتحدة تهدف إلى إنهاء نفوذ حلفاء إيران في المنطقة كجزء من صفقة أكبر تتعلق بالاتفاق النووي الإيراني.
فمع تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية في لبنان، والانهيارات المتواصلة في المنطقة، يتساءل الكثيرون إن كانت هذه الأحداث جزءًا من ترتيبات أوسع بين القوى الكبرى.
حوارنا حول هذا الموضع مع رئيس مجلس ادارة وتحرير منصة صحافة وطن الصحافي سماح مطر
كيف يمكن أن يؤثر الاتفاق النووي الإيراني على نفوذ حلفائها الإقليميين في الشرق الأوسط؟
الاتفاق النووي الإيراني، الذي تم توقيعه في عام 2015 بين إيران والقوى العالمية بقيادة الولايات المتحدة، كان محورًا لسنوات من التوترات السياسية في المنطقة. وعندما انسحبت إدارة ترامب من الاتفاق عام 2018 وفرضت عقوبات قاسية على إيران، تصاعدت التوترات في الشرق الأوسط، خاصة مع تصاعد التحركات الإيرانية في العراق وسوريا ولبنان واليمن. عودة المفاوضات حول الاتفاق في عهد إدارة بايدن أثارت تساؤلات حول تأثير هذا التفاهم على الحلفاء التقليديين لإيران مثل “حزب الله” في لبنان، والميليشيات المدعومة من إيران في العراق وسوريا.
هناك وجهات نظر متعددة حول هذا الموضوع. البعض يرى أن الولايات المتحدة تسعى للحد من نفوذ إيران الإقليمي عبر ضغوط مباشرة أو غير مباشرة. وبالتالي، قد تتضمن التفاهمات الجارية تخفيف الهيمنة الإيرانية في لبنان وغيرها من الدول مقابل استعادة الاتفاق النووي. هذا التصور قد يفسر تدهور الأوضاع في لبنان وفقدان السيطرة التدريجي لـ”حزب الله” على المشهد السياسي والاقتصادي في البلاد، لكنه يبقى مجرد تكهنات في غياب معلومات مؤكدة.
ما هو تأثير حرب أوكرانيا على توازن القوى في الشرق الأوسط وعلى العلاقات الأمريكية-الإيرانية؟
حرب أوكرانيا، التي بدأت في فبراير 2022، ليست بعيدة عن هذه المعادلة. تداخل المصالح الدولية في الحرب الأوكرانية قد أثر على الموقف الأمريكي تجاه الشرق الأوسط وإيران. فالولايات المتحدة تواجه تحديات متعددة في أوروبا مع تصاعد الصراع الروسي-الأوكراني، مما قد يدفعها إلى تفضيل تسويات سريعة في الشرق الأوسط لتخفيف الأعباء الدبلوماسية والعسكرية.
بالنسبة لروسيا، التي تلعب دورًا حاسمًا في الصراع السوري وفي دعم نظام الأسد بالتنسيق مع إيران، هناك مؤشرات على أن علاقتها مع إيران قد تتغير مع استمرار الحرب الأوكرانية. قد يكون الدعم الإيراني لروسيا في أوكرانيا وسيلة لتحقيق مكاسب إقليمية، بينما تسعى روسيا للحفاظ على توازن مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني.
كيف يمكن أن تؤثر الانتخابات الأمريكية المقبلة على المفاوضات النووية مع إيران؟
مع اقتراب الانتخابات الأمريكية في 2024، يتزايد الضغط على إدارة بايدن لتحقيق نجاحات دبلوماسية. الاتفاق النووي الإيراني يمكن أن يكون أحد الإنجازات التي يسعى إليها البيت الأبيض لتقديمها كنجاح على الساحة الدولية، خاصة في ظل الانتقادات التي تواجهها إدارته بسبب التوترات المتصاعدة مع الصين وروسيا.
في الوقت نفسه، إيران قد ترى في الانتخابات الأمريكية فرصة لممارسة ضغوط أكبر. فإيران تدرك جيدًا أن الجمهوريين يعارضون أي اتفاق نووي، وأن فوز رئيس جمهوري قد يعيد العقوبات والتوترات. لذلك، قد تسعى إيران لتحقيق مكاسب سريعة على الأرض، سواء في العراق أو لبنان أو سوريا، لضمان أقصى استفادة من المفاوضات مع إدارة بايدن قبل أن تنتهي الفرصة.
هل يمكن أن يؤدي تداخل الملفات الدولية مثل حرب أوكرانيا والاتفاق النووي الإيراني إلى تحولات كبرى في السياسة الإقليمية؟
إن التحليل الشامل للأحداث يوضح أن هناك تداخلًا كبيرًا بين ملفات الاتفاق النووي الإيراني، حرب أوكرانيا، والانتخابات الأمريكية. الولايات المتحدة تسعى لتحقيق توازن بين مواجهة روسيا في أوروبا والتعامل مع الملف الإيراني في الشرق الأوسط، مع إدراكها لتأثير كل قرار على المشهد الدولي الأوسع.
على الجانب الآخر، إيران تحاول تعزيز نفوذها في المنطقة، مع إدراكها للأهمية الاستراتيجية لحلفائها في لبنان والعراق وسوريا واليمن. ولكن في الوقت نفسه، قد تكون مستعدة لتقديم تنازلات محدودة في هذه الساحات كجزء من تفاهم أوسع مع الغرب لضمان تخفيف العقوبات واستعادة اقتصادها.
ما هو الدور الذي قد يلعبه لبنان في حال وجود تفاهمات سرية بين إيران وأمريكا حول النفوذ الإقليمي؟
لبنان اليوم يعاني من انهيار سياسي واقتصادي غير مسبوق، مع تدهور الأوضاع المعيشية وغياب الحلول السياسية. “حزب الله”، الحليف الرئيسي لإيران في لبنان، يواجه ضغوطًا داخلية وخارجية غير معهودة، ما يطرح سؤالاً حول دور لبنان في أي تفاهمات إيرانية أمريكية محتملة.
إذا كانت هناك بالفعل تفاهمات بين إيران والولايات المتحدة تتعلق بنفوذ حلفائها الإقليميين، فإن لبنان قد يكون أولى ضحايا هذه التفاهمات. فقد يكون تراجع نفوذ “حزب الله” أو تحجيم دوره جزءًا من صفقة أكبر تهدف إلى تخفيف التوترات الإقليمية مقابل الاتفاق النووي.
هل هناك أدلة واضحة تدعم نظرية وجود اتفاقيات سرية بين إيران وأمريكا، أم أنها مجرد تكهنات قائمة على الأوضاع الراهنة؟
يبقى السؤال حول وجود اتفاقيات سرية بين إيران وأمريكا مفتوحًا. حتى الآن، لا توجد دلائل قاطعة على وجود مثل هذه التفاهمات، ولكن المؤشرات تدل على أن القوى الكبرى قد تسعى إلى إعادة رسم خريطة التحالفات والنفوذ في الشرق الأوسط كجزء من صفقات أوسع تشمل ملفات متعددة، من الاتفاق النووي إلى الحرب الأوكرانية والانتخابات الأمريكية