تنطلق الأربعاء، القمة الخليجية – الأوروبية على المستوى القادة، الأولى من نوعها في العاصمة البلجيكية بروكسل، في ظل ظروف إقليمية ودولية بالغة التعقيد وحروب في منطقة الشرق الأوسط.
وقال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إن هذه الاجتماعات، تظهر وتؤكد، على أعلى مستوى سياسي، “التزامنا المشترك بتطوير التعاون والشراكة الاستراتيجية”، مؤكدا استعداد التكتل الأوروبي للعمل معًا بشكل متزايد في مواجهة التحديات المشتركة.
وأضاف أن “هذه الشراكة الاستراتيجية لا تتعلق بالأمن فقط. هناك الكثير من القضايا الأخرى التي يتعين علينا التعاون فيها: التجارة، ومساعدات التنمية، والتحولات الخضراء والرقمية، والاتصال – تقع دول الخليج عند مفترق طرق بين أوروبا وآسيا وآسيا الوسطى وجنوب شرق آسيا وأفريقيا؛ الاتصالات بين الناس”.
وأوضح أن الاجتماع الوزاري الذي يسبق اجتماع القادة، سيركز على الوضع في الشرق الأوسط، في إيران، في القارة الإفريقية، موضحا أن دول مجلس التعاون الخليجي نشطة للغاية، وهم وسطاء جيدون في الشؤون الدولية، ونقدر بشكل كبير تعاوننا في هذه الملفات.
“من المهم أن نناقش مع زملائنا من دول مجلس التعاون الخليجي، لأنهم قلقون بشأن أمن واستقرار الشرق الأوسط. ولهم المصلحة نفسها في العمل معاً من أجل تحقيق سلام حقيقي ودائم وعادل بين إسرائيل وفلسطين. وهذا من أجل المنطقة بأسرها”، وفق بوريل.
– ثاني أكبر شريك تجاري –
وسيرأس القمة بشكل مشترك رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بصفته الرئيس الدوري لمجلس التعاون الخليجي.
وتعتبر القمة فرصة للاتحاد الأوروبي لتطوير شراكة أوثق مع مجلس التعاون الخليجي ودوله الأعضاء (الإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين، والمملكة العربية السعودية، وسلطنة عمان، ودولة قطر، ودولة الكويت)، في وقت من الظروف الجيوسياسية الصعبة.
أما المواضيع الرئيسية للمناقشة هي كيفية تعزيز التعاون في التحديات العالمية الرئيسية المشتركة، التعاون الاقتصادي بما في ذلك التجارة والاستثمار، الطاقة، الاستدامة والمناخ، التواصل والحوار بين الناس.
وتستند العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي إلى اتفاقية تعاون وقعت في عام 1989، والتي تنشئ حوارًا منتظمًا حول التعاون بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي في العلاقات الاقتصادية وتغير المناخ والطاقة والبيئة والبحث.
كما أنشأت اتفاقية التعاون مجلسًا مشتركًا بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي على مستوى وزراء الخارجية، والذي يجتمع بانتظام. خلال المجلس المشترك الذي عقد في بروكسل في شباط/فبراير 2022، أقر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي برنامج تعاون مشترك للفترة 2022-2027، والذي تم تحديثه في تشرين الأول/أكتوبر 2023.
ويحدد البرنامج أنشطة مشتركة محددة وتعاونًا أعمق عبر العديد من القطاعات؛ التجارة والاستثمار، تغير المناخ، التحول الأخضر، المبادرات بين الناس، ومكافحة الإرهاب.
والاتحاد الأوروبي ثاني أكبر شريك تجاري لدول مجلس التعاون الخليجي، حيث بلغ حجم التجارة 170 مليار يورو في عام 2023، فيما شكلت واردات الوقود المعدني العام الماضي أكثر من 75% من واردات الاتحاد الأوروبي من دول مجلس التعاون الخليجي.
ومنذ عام 2020، تضاعفت واردات الوقود بأكثر من ثلاثة أضعاف – بسبب التحول الحاد في مصادر إمداد الاتحاد الأوروبي، بسبب حرب روسيا ضد أوكرانيا.
في أيار/مايو 2022، أصدرت المفوضية الأوروبية والممثل الأعلى بيانا مشتركا بشأن “الشراكة الاستراتيجية مع الخليج”، والذي أقره المجلس في حزيران/يونيو 2022. يحدد هذا البيان خارطة طريق تشغيلية للاتحاد الأوروبي لتطوير علاقات أوثق مع دول مجلس التعاون الخليجي.
وفي حزيران/يونيو 2022، تم تعيين لويجي دي مايو كأول ممثل خاص للاتحاد الأوروبي في الخليج. وهو مسؤول عن تطوير شراكة أقوى وأكثر شمولاً وأكثر استراتيجية للاتحاد الأوروبي مع دول منطقة الخليج.
– ترتيبات من دون تأشيرة –
وقال سفير الاتحاد الأوروبي لدى السعودية وسلطنة عمان والبحرين، كريستوف فارنو، إن دول الاتحاد “ملتزمة بمواصلة العمل تجاه اعتماد ترتيبات من دون تأشيرة لجميع دول الخليج”.
وأضاف لصحيفة الشرق الأوسط، إن الاتحاد يعمل باستمرار على تبسيط متطلبات التأشيرات لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي، وعلى تعزيز التواصل بين الشعوب، كما يجهز الاتحاد حالياً نظاماً إلكترونياً جديداً لطلبات تأشيرات (شنغن)، الذي يبدأ العمل به خلال السنوات المقبلة.
وبحسب فارنو، فإن الاتحاد الأوروبي “يقر باهتمام دول مجلس التعاون في السفر بدون الحاجة لتأشيرة إلى منطقة (شنغن)، ويلتزم بمواصلة العمل تجاه اعتماد ترتيبات دون تأشيرة لدول المجلس كافة، وهذا يُعد من الاهتمامات المشتركة بين الاتحاد ومجلس التعاون”.
وتطرق الدبلوماسي الأوروبي إلى الخطوات الأخيرة التي اتخذها الاتحاد الأوروبي لتسهيل حصول تأشيرة (شنغن) للخليجيين، وقال: “تبنى الاتحاد الأوروبي قواعد تأشيرات مشجعة للغاية لمواطني مجلس التعاون، الذين بإمكانهم الآن الحصول على تأشيرة متعددة السفرات لمدة 5 سنوات عند الطلب لأول مرة، ومع ارتفاع نسبة الموافقة للمتقدمين، تُعدّ قواعد التأشيرات الجديدة مساوية لوضع الإعفاء من التأشيرة لمدة 5 سنوات”.
وشدد فارنو على أن الاتحاد الأوروبي على ثقة من أن التطورات الجديدة سوف تُسرع من عملية التواصل بين الشعوب وتعزز العلاقات الوثيقة.
كما تحدث فارنو عن نظام جديد وحديث سيبدأ العمل به في 10 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، يسهل التنقل أمام المسافرين الدوليين داخل منطقة (شنغن) وخارجها، وسوف يُسرع نظام الخدمة الذاتية الجديد من عمليات الدخول والخروج أمام حاملي هذه التأشيرات.
ويسعى الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي إلى عقد شراكة استراتيجية في كل المجالات، لا سيما الجانب الاقتصادي والاستثمار والتبادل التجاري، الذي وصل بين الجانبين إلى 170 مليار يورو فيما يتعلق بالسلع فقط دون الخدمات.
يذكر أن 27 دولة أوروبية تصدر حاليا تأشيرات منطقة (شنغن) بصفتها أعضاء، تضم 23 دولة من دول الاتحاد الأوروبي الـ27 (باستثناء 4 دول هي قبرص وإيرلندا وبلغاريا ورومانيا)، إضافة إلى 4 دول خارج الاتحاد الأوروبي؛ هي آيسلندا وليختنشتاين والنرويج وسويسرا.