عروبة الإخباري – الكاتبة الجزائرية نزهة عزيزي –
جلست سارة على حافة السرير، تنظر إلى الفراشة الموشومة أسفل ظهرها، وقد تذكرت السبب الذي جعلها تختارها. كانت الفراشة رمزًا لكل ما كانت تأمل أن تكونه؛ الرقة، الحرية، والجمال الذي يضيء حتى في أحلك اللحظات. لقد كانت تشبه الفراشة، تحلق في سماء الحب، لكنها لم تدرك أن هذا الحب قد يحرق أجنحتها.
تذكرت كيف كانت تشعر عندما قابلت جمال، ذلك الشاب الذي بدا وكأنه يحمل في عينيه وعودًا لا تنتهي. في البداية، كانت تعتقد أنه وطنها، الملاذ الذي ستحتمي به من غربة نفسها. أحبّت فيه الطفل الذي بداخله، لكن سرعان ما انكشفت لها جوانب من شخصيته لم تكن تتوقعها. كانت قصصه عن الأميرة تثير ضحكها، لكنها في عمقها كانت تدرك أن هذا التهور هو مجرد رسالة للفت انتباهها.
فجأة، تذكرت الصورة التي أرسلها لها من مكة، تلك الصورة التي كانت بمثابة صحوة روحية لها. لم تكن بحاجة إلى الكلمات، فقط نظرة واحدة من تلك الصورة جعلتها تفهم أن هناك شيئًا أكبر من الحب، شيئًا يربط الأرواح. لكنها عندما خرجت إلى العالم الحقيقي، اكتشفت أن الأحلام لا تتماشى دائمًا مع الواقع.
“المواقف” كانت الكلمة التي تردد صداها في ذهنها، فقد تعلمت أن الحب ليس مجرد مشاعر، بل هو تجارب ومواقف تُظهر لنا من نحب حقًا. اليوم، عندما قررت أن تسافر إلى بغداد لعقد قرانها مع واصف، شعرت بشعور غريب؛ مزيج من الحرية والألم. ستلبس الزي التقليدي القندسي، لكن هذه المرة لم تكن صفقة، بل كانت خطوة نحو التحرر من قصة حب لم تكن لها.
تذكرت المثل الذي يقول إن المرأة عندما تتألم من قصة حب تتزوج، بينما الرجل يعزف عن النساء. كانت تعرف أن جمال سيظل يفكر فيها، وأنه ربما يحلم بها، لكن هذه هي الأرواح، لا يمكنها الهروب من ذاكرتها.
“سأبقى في ذاكرتك”، همست سارة لنفسها، “لكنني سأجد طريقي.” ومع تلك العبارات، قررت أن تترك الماضي خلفها، وأن تبدأ فصلًا جديدًا من حياتها، حيث ستصبح الفراشة التي تحلق بحرية، بعيدًا عن الظلال التي كادت أن تحرق أجنحتها.