عروبة الإخباري –
لا يمكن لأن ننظر لأحداث الشرق الأوسط خلال السنة الماضية، وبالأخص بعد تصاعد الأحداث مؤخراً، من دون أن نعي تماماً اننا أمام منعطف تاريخي، سيعيد تشكيل الشرق الأوسط، وسيخرج لنا بشرق أوسط جديد سياسياً، من ناحية موازين القوى، ونواح عديدة أخرى.
قائمة طويلة بالأحداث، ومتسارعة، منذ 7 أكتوبر الماضي، فإلى جانب الإبادة البشرية التي تشهدها غزة، والآن لبنان، وتدمي قلوبنا على اخوتنا هناك، الا ان التداعيات السياسية، أيضا لها جوانب أخرى، وبدأت تلقي بظلالها على كامل الشرق الأوسط.
فالمشهد يتغير بشكل سريع، وملامح المنطقة تغيرت بالفعل، عبر تغير العلاقات والروابط السياسية، والدبلوماسية، كلها مؤشرات على اننا أمام ساحة سياسية جديدة، وبدأت الدول من حولنا بحجز مقاعدها في المشهد الجديد لتكون لاعباً في الشرق الأوسط الجديد، وصاحبة قرار في السياسة الإقليمية. دعوت في أكثر من مناسبة الى أن تستعيد الكويت مكانتها الخارجية وأن تعود لاعباً رئيساً في المنطقة، وكان نشاطنا الدبلوماسي عبر ترؤس سمو ولي العهد الشيخ صباح الخالد، حفظه الله، وفد الكويت في اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة ولقاءاته الدبلوماسية المكثفة، مثلجاً للصدر، وجاء تأكيداً على أن الكويت لطالما كانت وستبقى لاعباً رئيساً في السياسة الخارجية خاصة في إقليم الشرق الأوسط، عبر صورتها المشرفة دائماً، كجسر سلام وإنسانية.
الا ان هذا النشاط الدبلوماسي، يجب أن يمتد الى الحكومة بشكل أوسع، فالأحداث المتسارعة مؤخراً، تحتم علينا أن يكون لدينا حس سياسي دبلوماسي قوي، ودراسات سياسية تشتمل على تحليلات لوضع السيناريوهات المحتملة للأحداث المتوقعة، ووفق هذه الدراسات والسيناريوهات يجب أن نتحرك لنحجز لنا مكاناً في قواعد الشرق الأوسط الجديد، وأن نكون، كما كنا دائماً، لاعباً رئيساً في المنطقة، نؤثر بدل أن نتأثر.
وهذا الأمر يجب أن يكون بتنسيق حكومي متكامل، وجهد حكومي متكامل، وأن يكون لأكثر من وزير نشاطه الإقليمي والدبلوماسي، كل وفق تخصصه وفي نطاق صلاحياته ومجال جهاته المسؤول عنها، سواء سياسياً، عبر وزير الخارجية، اقتصادياً عبر وزراء التجارة والتنمية والاقتصاد، اجتماعياً عبر الشؤون، وأيضاً على الأصعدة الأخرى كالأمن والغذاء، والتكنولوجيا والمواصلات وغيرها من مجالات، الأمر الذي يضمن حماية مصالحنا وأمننا وأن نكون ضمن عمليات اتخاذ القرار بالمنطقة وكل ذلك طبعاً عبر تنسيق خليجي، وتحت مظلتنا الخليجية الواحدة.
اليوم، نحتاج لتكثيف جهودنا الدبلوماسية، لأن نكون في قلب الحدث، لا أن نكتفي بقراءته وننتظر ما سيتركه علينا من أثر.